كتبها ل د ح الأحد, 30 يناير 2011 11:37

عمالة الأطفال في سورية اعتراف متأخر من الحكومة السورية بتفاقم الظاهرة 

هنادي زحلوط - كلنا شركاء    

19/ 01/ 2011 

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة "اليونيسيف" في دراسة أجرتها مؤخرا في سورية حول "عمالة الأطفال" في البلاد وجود ما لا يقل عن 650 ألف طفل سوري في سوق العمل.

الرقم كان مفاجأة حتى للجهات المدنية العاملة على قضايا الطفولة في سورية، والتي لطالما طالبت بتحديد حجم هذه الظاهرة ودراستها، وإيلائها اهتماما من قبل الحكومة، تمهيدا لمعالجتها.

من جهتها، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، التي سبق وأعلنت منذ عامين على لسان مدير العمل فيها السيد عيسى ملدعون أن الأطفال العاملين في سورية لا يتجاوز عددهم 500 طفل، لم تعلق اليوم على رقم اليونيسيف، الذي يتجاوز، قليلا، الخمس مائة طفل.

وفي سورية اليوم يندر أن تجتاز شارعا دون أن يطالعك طفل عامل على الأقل، وقد تعددت أنواع هذه العمالة من شكلها العائلي إلى العمل في المحال التجارية والورش الصناعية، وصولا إلى خدمات التوصيل للزبائن، إلى أبشع أشكال تجارة الرقيق وخصوصا لدى الفتيات، مع كل ما يرافق ذلك من استغلال للطفل ماديا وجسديا ونفسيا وجنسيا.

ورغم أن عمالة الأطفال تتعارض صراحة مع قانون "إلزامية التعليم" الذي يلزم ولي أمر الطفل بإكمال تعليم الصغير حتى سن الخامسة عشرة كحد أدنى، فإن هذا القانون معطل بفعل تراخي وزارة التربية في متابعته تطبيقه، حيث لا يتم إبلاغ الوزارة من قبل المدرسة عن حالات التسرب الحاصلة، فإن الوزارة المعنية أيضا لا ترسل من يتأكد من تطبيق القانون على الرغم من علمها بوجود نسبة تسرب وصلت حسب دراسة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" أنه وفي دراسة شملت 999 أسرة في سورية سجل أن نسبة تسرب الأطفال من التعليم الأساسي "تحت 15 عاما".

أما أسباب هذا التسرب فهي تتنوع بين أسباب اجتماعية عند 48% من المتسربين، وأسباب اقتصادية عند 27% منهم، حسب دراسة اليونيسيف.

على أن عمالة الأطفال أيضا تتعارض مع قانون العمل السوري الذي يمنع تشغيل الأطفال قبل سن الخامسة عشرة، إلا في حالات نادرة وبما يضمن عدم إيذاء الطفل جسديا أو نفسيا.

ونجد أيضا أن قانون العقوبات السوري قد نص في المادة 484 منه على عقاب من يطرح أو يسيّب طفلا دون السابع من عمره، وتتراوح العقوبة من بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، أو بالغرامة ب 500 ليرة سورية، وحتى هذه الغرامة الزهيدة لا تطبق بحق المخالفين.

وبالنظر إلى الأسباب الحقيقية لعمالة الأطفال نجد أن هؤلاء يدفعون ثمن الفقر الذي يعانيه ذووهم، فحسب خارطة المسح للفقر الذي أجري لأول مره في سورية عام 2004 أشارت هذه الخارطة إلى حدين من الفقر، حد أعلى يرزح تحته حوالي 31% من السورين، و حد أدنى حيث الدخل الشهري 1458 وبلغت نسبه الفقراء على أساسه11%من السكان، أي أكثر من 2 مليون شخص لا يستطيعون الحصول على الحاجات الأساسية.

كما أنه وبحسب الدراسة ذاتها فإن عدد الأطفال في الأسر الفقيرة يزيد ثلاثة أضعاف عنه في الأسر غير الفقيرة، ولو رجعنا إلى الكلفة التقديرية لكل طفل دخل المدرسة بالرغم من أن التعليم مجاني نجد أنه يكلف الأسرة 9161 في السنة الواحدة.

وإذ يتبدى من هذه الأرقام بشكل واضح وجلي تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال في سورية مع عدم وجود رؤية حكومية للتصدي لمسبباتها، سواء من خلل في تطبيق القوانين أو من دعم للأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود ليتمكنوا من تعليم أطفالهم وحمايتهم، فإن الجهات الحكومية ذاتها في رئاسة مجلس الوزراء تحتفظ في أدراجها بمسودة قانون حماية حقوق الطفل المنجز منذ ما يقارب الأربع سنوات من قبل خبراء من الهيئة السورية لشؤون الطفل ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة "اليونيسيف".

اليوم وبعد أكثر من سنتين على تصريحات المسؤولين السوريين بوجود ما لا يزيد عن 500 طفل في سوق العمل السورية، تطل وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ديالا حاج عارف لتعترف بظاهرة عمالة الأطفال مؤكدة أنه "لا يمكن الجزم بخلو البلاد من عمالة الأطفال بعد خمس سنوات من الآن"، وذلك خلال ورشة عمل أقامتها الوزارة لمناقشة خطة العمل الوطنية الخاصة بمكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال.

فمتى تبدأ هذه الخطة الوطنية بالخطو في سوق العمل السوري لإنقاذ هؤلاء الأطفال؟