أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

أول دراسة عن (جرائم الشرف) في حمص :

تحتل ربع الجرائم ... و ثلاثة أرباع القَتَلَة أحداث من أخوة الضحايا...16.6% من الجرائم فصل فيها الرأس عن الجسد

كشفت دراسة تحليلية لجرائم القتل بدافع الشرف في مدينة حمص عن استئثار هذه الجريمة بربع الجرائم التي شملها البحث خلال عامي 2007 و 2008 .

و توضح الدراسة التي أعدها و اشرف عليها الطبيب الشرعي بسام يونس محمد بمساعدة زميله د.هواش الصالح أن عدد جرائم القتل بلغ خلال فترة العامين المذكورين 71 جريمة 18 منها جرائم شرف,مما جعل معدل الجريمة حسب العينة المدروسة (2,5 جريمة لكل 100000مواطن), و هو –حسب الدراسة- معدل منخفض مقارنة مع معدل الجريمة السنوي العالمي الذي يتراوح بين 7-10 جرائم لكل 100000مواطن .

و في الوقت الذي تبين فيه الدراسة أن نسبة جريمة الشرف تشكل سنوياً (0,5 لكل 100000مواطن حمصي) , فإنها تكشف أيضاً أن القاتل هو الأخ الشقيق في ثلاثة أرباع الحالات تقريباً بنسبة 72,2%, بينما وجدت دراسة محلية مشابهة أجريت في إدلب عام 2007 أن القاتل هو الأخ سواء الشقيق أو غير الشقيق بنسبة كاملة 100%, كما أن الأخ كان القاتل بنسبة قريبة لنتائج البحث الحمصي في دراسة أردنية حول الموضوع نفسه.

الحدث ملك الحدث..!

و من الحقائق الهامة التي كشفتها الدراسة أن عمر القاتل في ثلثي عدد جرائم الشرف كان تحت 18 عاماً, وعزت السبب في ذلك إلى (أنه يتم تحديد القاتل من خلال اعترافه بالجريمة و شهادة الشهود بينما كان يتم القتل من قبل شخص آخر, أو يخطط له أشخاص آخرون و يتم التنفيذ من قبل القاصر الذي يكون عادة الأخ الأصغر), و هذا بدوره يرجع –حسب الدراسة – إلى الاستفادة من العذر المخفف إلى أبعد مدى, و الذي قد يقتصر على التدابير الاحترازية فقط نتيجة لتطبيق قانون الأحداث الجانحين ..!

و تُظهر الدراسة التي اعتمدت على سجلات كل من الطبابة الشرعية و الأدلة الجنائية في حمص أن الأسلحة النارية هي الأكثر استخداماً في جرائم القتل بدافع الشرف في حمص بنسبة (44,4%)من الحالات, بينما لم تنكر الدراسة وجود طرق شنيعة للقتل تصل لدرجة الذبح حتى فصل الرأس بشكل كامل عن الجسد بنسبة (16,6%), في حين ظهرت حالتان تم خلالهما استخدام وسائل متعددة بالقتل في آن واحد (طعن سكين , وضرب بالعصا , و محاولات خنق , وطلق ناري ), بينما شهدت دراسة إدلبية وجود حالة واحدة فقط تعددت فيها وسائل القتل , غير أنها كشفت عن حالة نادرة تتمثل بإجبار الضحية على شرب مادة فسفورية عضوية لتبدو الحالة كما لو أنها انتحار , مما يشير إلى اشتراك أكثر من شخص بالقتل على نقيض ما يجري لاحقاً في الواقع, حيث المعتدي الماثل أمام القضاء هو شخص واحد فقط ....!

ومن الشك ما قتل ..!

من النتائج الجديرة بالاهتمام لاحظت الدراسة أنه في معظم الحالات لم يجد الفحص الطبي الشرعي دليلاً على الاتصال الجنسي , وذلك بنسبة (72,2%), و هذا ما يؤكد أن القتل كان يتم لمجرد الشبهة , أو مخالفة المرأة لأعراف الأسرة مع الابتعاد عن مفهوم العذرية التشريحي و الاقتراب من مفهوم العذرية الاجتماعي.

و شكّلت الحالات التي تم فيها إثبات الاتصال الجنسي ما نسبته 16,6 % , كان هناك حمل , و تبين الدراسة أن 11,1% من الحالات كانت فيها الفتاة عذراء بالمفهوم التشريحي , مما يؤكد أن مفهوم العذرية الاجتماعي يطغى على مفهوم العذرية التشريحي, فتقتل المرأة لمجرد وجود تغيير في تصرفاتها ,أو يمكن أن يكون للشائعات دور كبير في قتلها دون أي دليل حسي أحياناً , وهذا ما تأكّد عند محاولة معرفة الأسباب الدافعة للقتل بدافع الشرف ...!

بين التحليل و التحريم!

تعتبر الدراسة أن جريمة الشرف تحدث في جو من القبول الاجتماعي المبني على عادات وتقاليد سائدة أساسها النظرة السلبية إلى المرأة على أنها ملك الرجل , و لا تخفي اتهامها المشرعين القانونيين بالتراخي في التعامل مع الجريمة المذكورة من خلال نصوص قانونية تعطي أعذاراً محلة أو مخففة لهذه الجريمة على أساس أعراف خاطئة تجعل من جرائم الشرف أمراً مقبولاً وسط الناس ..!

و في حين أعلنت الدراسة تحقيق هدفها في تغيير المفهوم العرفي للجريمة (من جريمة شرف إلى جريمة قتل وفقاً للأعراف الاجتماعية), قدمت تحليلاً اجتماعياً لما يحدث ملخصه أن القتل غالباً ما يتم بقرار عائلي ضمني (بيد الشقيق الأصغر للضحية) و هو في معظم الحالات حدث, كما بينت الدراسة أن القتل كان يحصل بيد شخص من العائلة أو باشتراك عدة أشخاص, ولكن أمام القضاء يتم التظاهر بأن الشقيق الأصغر (الحدث) قد قتلها، وذلك ليستفيد إلى أبعد مدى من الأسباب المخففة التقديرية لهذه الجريمة.

و جاء في تحليل الدراسة القانوني أن المادة (548)من قانون العقوبات لعام 1949 تنص على أنه (يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه ,أو أخته في جرم الزنا المشهود, أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد).

كما ينص القانون نفسه على أن (يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة).

و هذا –حسب الدراسة- ما شجع على الاستهتار بحياة المرأة نتيجة التساهل القانوني في تلك العقوبة المفروضة على تلك الجريمة, والتي من المفترض أن تصل عقوبتها حتى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة, بينما من الناحية العملية يعاقب عليها القانون بالسجن ستة أشهر كحد أقصى .

و لكن الدراسة توقعت أن تتناقص نسبة جرائم الشرف خاصة بعد صدور المرسوم التشريعي رقم (37) لعام 2009 الذي استبدل بالعقوبة الواردة في المادة (548) عقوبة أخرى أشد, إذ يستفيد القاتل من عذر مخفف على ألا تقل العقوبة عن الحبس لمدة سنتين , كما يشترط أن يُفاجأ بزوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة الزنا المشهود, أو في صلات جنسية فحشاء, و حذف المشرّع البند المتعلق بالقتل لمجرد الريبة (مما جعل العقوبة من الناحية النظرية أشد ردعاً ).

و ختامها توصيات

و خلصت الدراسة إلى العديد من التوصيات و في مقدمتها تثقيف الناس بشكل متواصل عبر وسائل الإعلام و المنابر الدينية حول تعديل المادة (548) من قانون العقوبات التي شددت عقوبة تلك الجرائم .

كما أوصت بالتأكيد على قضاة النيابة و التحقيق بالتوسع في التحقيق بجرائم الشرف للوصول إلى القاتل الحقيقي و المحرض و الشريك و المتدخل في الجريمة و عدم إهمال دورهم, و ليس الاكتفاء بالاعتراف فقط.

و تضمنت الدراسة في توصياتها إجراء دراسات عملية تحليلية عن حالات الانتحار عند النساء اللواتي يتوقعن أن يكنّ ضحايا جرائم شرف, وحماية النساء المهددات بالقتل من خلال وضعهن في دور ضيافة راقية .

صحيفة الخبر