النظام الداخلي للأسرة

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

 

صفاء ديوب

الأسرة نظام حيوي يشعر ولا يفكر. جميع تغيراته قائمة على مبدأ التوازن الحيوي, شأنه في ذلك شأن الخلية التي تحافظ على نسب محددة من مكوناتها بهدف الاستمرار, فإذا زادت نسبة الأملاح داخلها تعمل على التخلص من بعض شوارد الصوديوم, وإذا قلت تفتح النوافذ على الوسط المحيط لإستقبال شوارد جديدة.

كذلك الأمر بالنسبة للأسرة فهي تخضع لقواعد وقوانين تنظم علاقات أفرادها مع المحيط وعلاقاتهم مع بعضهم, بهدف الابقاء على حالة توازن تضمن لها الاستمرار دون أن تنصهر مع المجتمع فتفقد وظيفتها, متحفظة بنوافد تسمح بقدر كافي من التبادلية الضرورية لتطورها.

هذه القواعد ليست خير أو شر بل إنها تتشكل بطريقة غير واعية إستناداً الى حاجة النظام للتوازن.
وبالتالي فجميع التغيرات تحدث وفق هذا المبدأ, إذا غالباً ما تقاوم الأسرة التغيرات المفاجئة لأنها تهدد استقرارها, مثلاً: عندما تقرر الفتاة الزواج دون موافقة أهلها يرفضون ويسود التوتر كمحاولة لإبعادها عن قرارها", لكن تتقبل التغيرات المنبثقة من حاجتها: "عندما تصل لعمر 25 يبدؤون بالإلحاح على زواجها, لأن بقاءها يشكل ضغط على النظام الذي تطور لإبعادها عنه وأصبح من الضروري خروجها ليبقى متوازن".

جميع الأسر مهما كانت درجة إنفتاحها أو انغلاقها تخضع لقواعد بعضها واضحة ومصاغة على شكل تعليمات وتوجيهات تعلن لأفرادها في مناسبات عديدة, مثال: "ماعنا بنات ترافق شباب وتحكي معهن", "كلنا لازم نحب بعض, وما عنا ولاد بيحكو بهي الطريقة", "ما بيصير ولد عنا يدرس أقل من هندسة".

والجزء الأكبر غير معلنة يستنتجها الأفراد من خلال تفاعلهم مع بعضهم, مثال: "يطلب من الفتاة القيام بأعمال التنظيف, ولكن لا يطلب ذلك من الصبي" هذا السلوك يتضمن قانون خفي مفاده تقسيم الأدوار حسب الجنس.

يختلف كم وشدة القوانين بإختلاف أنماط الأسر, فالمنغلقة التي تزيد من صلابة الحدود مع المجتمع قوانينها كثيرة وصارمة, "حتى الكتب التي تقرأ في المنزل لابد أن تمر على الرقابة الوالدية للحصول على الموافقة".

أما المنفتحة تتسم قوانينها بالمرونة بإعتبار أن مساحة الحوار والنقاش فيها أكثر أتساعاً, فتناقش القواعد وتعدلها بديناميكية أعلى.

لكن كما ذكرت سابقاً لا يوجد نظام مغلق أو منفتح بالمطلق, في بعض الحالات يتحول المرن إلى جامد والعكس بهدف الحفاظ على القاعدة الاساسية: "التوازن".

أكثر الافراد تحسساً لحالات التوتر التي تلوح في أفق الأسرة "الأطفال" فيقومون بمهمة صمام الأمان الذي يشير للخطر قبل حدوث الإنفجار الأسري, كما أنهم الأقدر على إكتشاف القواعد الخفية التي تنظم تفاصيل حياتنا, فإذا قررنا تعديلها وتطويرها لابد أن نستعين بهم للبدء بالخطوة الأهم في لعبة التغيير وهي معرفة القوانين.

*- بعض الأفكار مستمدة من كتاب "العلاج الأسري"، للدكتور علاء الدين كفافي.