اختزال الديمقراطية بالانتخابات

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

اختزال الديمقراطية بالانتخابات

حسان ايو

مازال فهمنا قاصرا حول مسألة الديمقراطية، فلا توجد مؤشرات توحي للنظم الديمقراطية بأنها دخلت في صلب حياتنا اليومية، رغم أن معظم مؤسستنا وأحزابنا الايدولوجية تنتهي أسمائها  ( بالديمقراطية ) إلا أنها تبقى حبراً على ورق، طالما لم نستطع أن نقوم بعملية التحول إلى الديمقراطية( قولاً وممارسةٍ)، وأن نشعر بانتمائنا إلى الوطن، وأن نمارس وطنيتنا  بموجب أخلاقيات الهوية والانتماء

.

الانتخابات احتلت الجانب الهام ببعده السياسي للديمقراطية. فممارسة الانتخابات بشكل ديمقراطي كما يقال تركت للمواطن الإحساس أنه مواطن وهو مصدر السلطات، ولو أنه يعي جيدا أنها فترة وجيزة تنتهي كقيمة  سياسية، وينتهي حلمه معها .

الديمقراطية وبموجبها تتحقق المساواة والعدالة الاجتماعية والتي بدورها تحقق للمواطن الاستقرار والأمن، كل هذه الأحلام الجملية تنتهي بمجرد انتهاء العملية الانتخابية، ولمسنا ذلك من خلال التجارب الانتخابية في أكثر من مكان. مع أن الانتخابات كانت تبدو ديمقراطية حسب آراء وتقارير المراقبين الدوليون لعمليات انتخابية مثلما  حصل في( فلسطين، مصر، العراق....الخ)

أسئلة مشروعة

ويبقى التساؤل القائم وهو مشروع إلى متى نتكلم ولا نفعل إلا القليل؟، إلى متى نبقي عملية استيراد المفاهيم مثلها مثل بضاعة ستوك؟ لعدم قدرتنا على تسويقها في سوقنا الاجتماعية، ورغبتنا الفطرية بالهوية والانتماء لمجتمعاتنا؟، هذه الأسئلة تبقى في نسق التساؤل، ونبقى نستورد المفاهيم  من دون أن نستطيع أن نطبعها ونجعلها في صلب حياتنا اليومية

.

وصحيح أن الانتخابات تلبي الجانب المرتبط بعلاقة الفرد بالدولة والعكس أيضاً، خالقة بذلك الجانب السياسي للديمقراطية، حيث يعطى الفرد المنتمي إلى الدولة صفة المواطنة، والتي بموجبه يستطيع المواطن إفراغ كمونه السياسي بممارسة الانتخابات، متطلعاً لعلاقة بين الأفراد عن طريق المواطنة( الوطن للجميع)، ويكون طريقة لاتخاذ القرارات بمشاركة جماعية، فلا مواطنة دون الديمقراطية، ولا ديمقراطية دون المواطنة.

الديمقراطية تتعلق بكيفية اتخاذ القرارات، فاتخاذ القرارات بشكل ديمقراطي، أي وفقاً لرغبة الأغلبية، يعني بالضرورة أن تكون المجموعة التي يتخذ فيها القرار محدودة ومعروفة، أما الانتخابات السياسية فهي تتعلق بالدولة، أي أنها تهم مجموع المواطنين.

الديمقراطية لا تختزل بالانتخابات

إذا لم تحقق الديمقراطية سيادة القانون أي سيادة الشعب (القانون الذي يحوي الجميع تحت مضلته)، والانتماء للوطن، وإذا لم يكن القانون فوق الجميع على الحاكم والمحكوم، والكل متساوون ومتحابون في المجتمع، وإذا لم تحقق المساواة والعدالة بين الجميع، فكيف يتم الاستقرار والأمن؟ معادلة الديمقراطية لا تتحقق إلا  بثالوث (الحرية والمساواة والعدالة)، فلن يكون هناك شيء نستطيع أن نقول عنه بأنه نظام ديمقراطي وبامتياز.

فكيف لنا أن نقول عن نظام أو دولة تقوم بعملية الانتخابات ولو بشكل شبه ديمقراطي بأنه ديمقراطي؟، ومن خلال هذا التساؤل نستطيع الاشارة إلى أن الديمقراطية لا تختزل فقط بالعملية الانتخابية  كما هو دارج لدينا، فشعوبنا لم تتشرب بعد النفس الديمقراطي، فكيف أكون مواطناً ديمقراطيا مع أنني محروم من أبسط  حقوقي العامة وحرياتي، سواء كانت الحقوق سياسية أو مدنية أو ثقافية أو اجتماعية، وطالما مازلنا في عصر يردد الشعارات التي يخدم بها جهة صناع القرار في الدول ذات النظم الاستبدادية الذي بدوره يختزل الديمقراطية والانتخابات في شخصه، فهو الديمقراطي وهو الذي يعرف مصلحة المجتمع كله.

متطلبات الانتخابات الديمقراطية

من متطلبات العملية الانتخابية أن تكون حرة ونزيهة، وأن لا تكون هناك تجاوزات من قبل القائمين على العمليات الانتخابية في فرض سلطاتهم على الانتخابات، وأن تقوم بدورها المنوط إليها حسب المعايير والمواثيق الدولية، وأن تتمثل في الإطار الدستوري للنظام الديمقراطي. فمعيار قوة الانتخابات الديمقراطية، هو أن يكون للانتخابات مقاصد ووظائف ويترتب عليها مجموعة من النتائج الفعلية في نظام الحكم، وليست أن تكون هدفاً في حد ذاتها

.

معيار حرية الانتخابات الديمقراطية يتمثل في كون الانتخابات تُجرى في ظل قاعدة حكم القانون، وتتسم بالتنافسية، وتحترم الحقوق والحريات الرئيسية للمواطنين.

معيار نزاهة الانتخابات الديمقراطية، يعني أن الانتخابات تتم بشكل دوري ومنتظم، وتتسم عملية إدارتها والإشراف عليها وإعلان نتائجها بالحياد السياسي والعدالة والشفافية.

وعندما يكون القانون فوق الحاكم والمحكوم ، أي سيادة القانون ودولة القانون تتحقق المواطنة على أساس المساواة والكرامة والعدالة.

© منبر الحرية ، 3 يونيو / حزيران 2010