عن حق الأمم والشعوب في السلام والأمان بمناسبة يوم السلام العالمي

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

تقرير خاص

عن حق الأمم والشعوب في السلام والأمان بمناسبة يوم السلام العالمي

· إن دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض علي الحرب، يقتضي تداول المعلومات بحرية ونشرها علي نحو أوسع وأكثر توازنا. وعلي وسائل إعلام الجماهير أن تقدم إسهاما أساسيا في هذا المقام، وعلي قدر ما يعكس الإعلام شتي جوانب الموضوع المعالج، يكون هذا الإسهام فعالا. .................................................... المادة 1

وكما ورد في المادة 2:

1- إن ممارسة حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإعلام، المعترف بها كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، هي عامل جوهري في دعم السلام والتفاهم الدولي.

2- فيجب ضمان حصول الجمهور علي المعلومات عن طريق تنوع مصادر ووسائل الإعلام المهيأة له، مما يتيح لكل فرد التأكد من صحة الوقائع وتكوين رأيه بصورة موضوعية في الأحداث. ولهذا الغرض يجب أن يتمتع الصحفيون بحرية الإعلام وأن تتوافر لديهم أكبر التسهيلات الممكنة للحصول علي المعلومات. وكذلك ينبغي أن تستجيب وسائل الإعلام لاهتمامات الشعوب والأفراد، مهيئة بذلك مشاركة الجمهور في تشكيل الإعلام.

3- وعملا علي دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري، والتحريض علي الحرب، تسهم وسائل الإعلام، في كل بقعة من بقاع العالم وبحكم الدور المنوط بها، في تعزيز حقوق الإنسان، ولا سيما عن طريق إسماع صوت الشعوب المقهورة التي تناضل ضد الاستعمار والاستعمار الجديد والاحتلال الأجنبي وجميع أشكال التمييز العنصري والقهر، والتي يتعذر عليها جعل صوتها مسموعا في بلادها.

4- ولكي تتمكن وسائل الإعلام من تعزيز مبادئ هذا الإعلان في ممارسة أنشطتها، لا بد أن يتمتع الصحفيون وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام الذين يمارسون أنشطتهم في بلادهم أو في خارجها بحماية تكفل لهم أفضل الظروف لممارسة مهنتهم.....

إعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب

أصدره المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في دورته العشرين، يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1978

ان مفهوم السلام تطور مع مرور الزمن وتطورت سبل تحقيقه، وبقي حلما لازم البشرية منذ عصور عديدة نتيجة معاناتها من ويلات الحروب والصراعات والعنف والإرهاب لدرجة أن السلام يكاد يشكل استثناء في مواجهة قاعدة الصراع والحرب، وخاصة ونحن في الألفية الثالثة إذ نشهد تزايداً ملحوظاً في معدلات الصراع والعنف بجميع أشكاله على الرغم من تطور الوعي بوحدة المصير الإنساني وبأهمية السلم كفرض من فروض التنمية والرخاء. فدروس التاريخ علمتنا بأنه كان هناك دائماً جدلية عاشتها البشرية- ولم تزل - وهي جدلية الحرب والسلام فجذور الحرب تكمن في أعماق السلم، كما أن بوادر السلم يمكن أن تنطلق من قلب الحرب، فعلاقة التأثير التأثر بين الاثنين كانت مسئولة - في جزء منها -عن تطور البشرية، أن الحرب تنشط التقدم والتطور بمعدل أسرع من وقت السلم إذ أن الصراعات المسلحة تدفع الإنسان إلى الاختراع أو الهلاك.

لقد شغلت موضوعة السلام فكر جميع الشعوب منذ زمن بعيد، متأثرين بنداءات الرسالات السماوية لتحقيق السلام ولترسخ فكرة السلام والتسامح والدعوات إلى إفشاء السلام بين البشر والتسامح وشغلت فكرة السلام الأوروبيين الذين مزقتهم الحروب القومية الشوفينية والدينية، فدعوا الى السلام وشكلت أفكار الأوروبيين نواة للمعاهدات والاتفاقيات من أجل السلام التي ابتدأت بمعاهدة وستفاليا 1648. إذ شكلت تلك المعاهدة نواة لتنظيم دولي أقر السلام في القارة الأوروبية. ثم جاء عهد عصبة الأمم 1919 ثم ميثاق الأمم المتحدة 1945.ثم جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة في 10كانون الاول 1948,وكان مصدر إلهام لمجموعة ضخمة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية ذات الإلزام القانوني، وكذلك لموضوع تطوير حقوق الإنسان على صعيد العالم بأسره. ويعد هذا الإعلان بمثابة الاعتراف الدولي بأن الحقوق الأساسية والحريات الرئيسية تعد متأصلة لدى كافة البشر، وهي غير قابلة للتصرف وتنطبق على الجميع في إطار من المساواة، وأن كلا منا قد ولد وهو حر ومتساو من حيث الكرامة والحقوق. ومهما كان هناك اختلاف بيننا فيما يتعلق بالجنسية أو مكان الإقامة أو نوع الجنس أو المنشأ القومي أو العرقي أو اللون أو الدين أو اللغة أو أي حالة أخرى، ويمثل الإعلان المثل الأعلى الذي يجب أن تبلغه الأمم والشعوب كافة، وقد اعتُمد ونشر في اليوم العاشر من شهر كانون الأول من العام 1948م، بقرار من الجمعية العامة، 217 ألف (د-3)، وقد جاء هذا الإعلان لما حدث من امتهان لكرامة الإنسان وحقوقه وازدرائه، ولما أخذت الأمم المتحدة على عهدها تعزيز احترام الإنسان ومراعاة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وللمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق، ولتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى حياة الفرد. وقد ترجم ذلك الإعلان إلى 501 لغة، ونؤكد ان الإعلان لا يعتبر معاهدة ولا اتفاقا دوليا ولا يتضمن أي التزام قانوني، فهو مجموعة من المبادئ العامة أو فلسفة حقوق الإنسان، وهو تفسير لميثاق الأمم المتحدة. وتشكل بنوده واجبات أدبية لا تلزم المخاطب بأي التزام قانوني، وهي مثل عليا كما أكدت عليها الديباجة، وهي لا تتضمن إجراءات التوقيع ولا الانضمام ولا طريقة التعديل ولا شروط النفاذ كما هو الشأن بالنسبة للاتفاقيات الدولية.

ويتألف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من مقدمة وثلاثين مادة، كُرس فيها حقوق المساواة والحرية والسلامة البدنية. ففي المقدمة ذُكرت الأسباب التي دفعت الدول الأعضاء لإصدار مثل هذا الإعلان، وذلك بالإشارة إلى أن الاعتراف بالكرامة المتأصلة بين جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية والثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلامة في العالم "وإن تناسي هذه الحقوق وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني"، إذ لا بد من أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء، آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم. كما إن الجمعية العامة تنادي كل فرد وهيئة في المجتمع إلى تعزيز احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات قومية وعالمية لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بين الدول الأعضاء ذاتها والشعوب الخاضعة لسلطانها، وبالنظر إلى الحقوق والحريات المذكورة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد قام البعض بتقسيمه إلى أربع فئات كما يلي:

1. فئة الحقوق الشخصية التي تتضمن حياة الإنسان وحريته وكرامته ومساواته أمام القانون وتحريم الرق والتعذيب والاضطهاد التي نصت عليها المواد (3 إلى 13).

2. فئة الحقوق الاجتماعية التي تشمل الحقوق العائدة للأفراد في علاقاتهم مع الدولة كحق الجنسية وحق الزواج وحق الملكية وحق اللجوء الذي نصت عليها المواد (14 إلى 17).

3. فئة الحريات العامة والسياسية المتمثلة بحرية المعتقد والتعبير والاجتماع والانتخاب وتكوين الجمعيات والحق بتقليد الوظائف العامة والاشتراك في إدارة الشؤون العامة التي نصت عليها المواد (18 إلى 21).

4. فئة الحقوق الاقتصادية والثقافية كالحق في الضمان الاجتماعي والحق في العمل والحماية من البطالة والحق بالراحة والحريات النقابية والثقافية وحقه في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على صحته ورفاهيته وحقه في التعليم والحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان تحققاً تاماً. كما تبرز الواجبات والتبعات التي تقع على عاتق الفرد حيال المجتمع. والتي نصت عليها المواد (22-30).

فهذه الحقوق تتصل اتصالاً وثيقاً بالركائز الأساسية للكرامة الإنسانية بصرف النظر عن منظومة القيم التي يرتبط بها الفرد، كما صيغت بصورة عامة بشكل تسمح للدول مهما كانت ثقافتها أن تقرّها وتتقبلها.

وقد أصدرت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه "مستوى مشتركاً ينبغي تحقيقه لجميع الشعوب وجميع الأمم". وأهابت بجميع الدول الأعضاء وجميع الشعوب أن تدعم وأن تكفل الاعتراف بالحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان ووضعها موضع التنفيذ بشكل فاعل.

إن المبادئ اِلأساسية لحقوق الإنسان، التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من قبيل العالمية والترابط وعدم التجزئة والمساواة والبعد عن التمييز، إلى جانب شمول حقوق الإنسان في وقت واحد لكل من الحقوق والالتزامات المتصلة بأصحاب الحقوق والمسؤولين، قد تكررت في العديد من اتفاقيات وإعلانات وقرارات حقوق الإنسان الدولية. أن كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد وقعت، على أقل تقدير، معاهدة واحدة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية الأساسية، وأن ثمانين في المائة من هذه الدول قد صدقت على أربع معاهدات أو أكثر، مما يوفر تعبيراً ملموساً عن عالمية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعن حقوق الإنسان الدولية.

وأهمية هذه الوثيقة لا تأتي من المبادئ التي تضمنتها فحسب، بل تنبع أهميتها كذلك من أن الذي أصدرها وهي الحكومات، وبالتالي فإن تلك الوثيقة وضعت المسؤولية المطلقة عن انتهاكات حقوق الإنسان على عاتق الحكومات، وهكذا سقطت المفاهيم العامة لحقوق الإنسان المرتكزة على مفاهيم خيرية وإنسانية عامة، وحوّلتها إلى مفاهيم قانونية تتحدد بموجبها المسؤولية الإنسانية للدولة تجاه مواطنيه.

ومن خلال التصديق على معاهدات حقوق الإنسان الدولية، تتعهد الحكومات بوضع تدابير وتشريعات محلية تتسم بالاتفاق مع التزاماتها وواجباتها التعاقدية. ومن ثم، فإن النظام القانوني المحلي يوفر الحماية القانونية الأساسية لحقوق الإنسان المكفولة في إطار القانون الدولي. وفي حالة إخفاق الإجراءات القضائية في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، يلاحظ أن الآليات والإجراءات المتعلقة بالتظلمات الفردية متاحة على المستويين الإقليمي والدولي من أجل المساعدة في القيام، على نحو حقيقي، باحترام وتنفيذ وتطبيق معايير حقوق الإنسان الدولية على الصعيد المحلي.

وبناء على منجزات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد دخل حيز النفاذ في عام 1976 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد أبرز هذان العهدان معظم الحقوق المكرسة اليوم في العهد، وجعلاها ملزمة بالفعل للدول التي صدقت عليهما. وهما يتضمنان حقوقاً عادية من قبيل الحق في الحياة والمساواة أمام القانون وحرية التعبير، إلى جانب الحق في العمل والضمان الاجتماعي والتعليم. وبالإضافة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يراعى أن العهدين يشملان الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

ويتولى القانون الدولي لحقوق الإنسان وضع التزامات يتحتم على الدول أن تحافظ عليها. وعندما تصبح الدول أطرافاً في معاهدات دولية، يراعى أنها تضطلع بالتزامات وواجبات في إطار القانون الدولي تتصل باحترام وحماية وتطبيق حقوق الإنسان:

* الالتزام بالاحترام يعني أنه يتعين على الدول أن تمتنع عن التدخل في حقوق الإنسان أو تقليص التمتع بها.

* الالتزام بالحماية فإنه يشترط على الدول أن تقي الأفراد والجماعات من انتهاكات حقوق الإنسان.

* الالتزام بالتطبيق يتضمن مطالبة الدول باتخاذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق الإنسان الأساسية.

هناك تكامل بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان (الذي يشار إليه فيما بعد بحقوق الإنسان). فكلاهما يسعى إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم، وإن كان ذلك من زاوية مختلفة. فالقانون الإنساني ينطبق في أوضاع النزاع المسلح. على حين تحمي حقوق الإنسان، أو على الأقل بعضها، الفرد في جميع الأوقات، في الحرب والسلم على السواء. بيد أن بعض معاهدات حقوق الإنسان تجيز للحكومات أن تنقض بعض الحقوق في حالات الطوارئ العامة، بينما لا يسمح القانون الدولي الإنساني بأي نقض لأنه صمم أصلا لينطبق في حالات طوارئ وهي النزاعات المسلحة.

والقانون الإنساني يهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو يتوقفون عن المشاركة في الأعمال العدائية. وتفرض القواعد الواردة فيه واجبات على جميع أطراف النزاع. أما حقوق الإنسان، التي صممت لوقت السلم من الدرجة الأولى، فهي تنطبق على الجميع. وهدفها الرئيسي هو حماية الأفراد من السلوك التعسفي من جانب حكوماتهم، ولا يتعامل قانون حقوق الإنسان مع أسلوب تسيير الأعمال العدائية.

ويقع واجب تنفيذ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان أولاً وقبل كل شيء على الدول فالقانون الإنساني يلزم الدول باتخاذ تدابير عملية وقانونية، من قبيل سن تشريعات جزائية ونشر القانون الدولي الإنساني. وبالمثل، تلتزم الدول بناء على قانون حقوق الإنسان بمواءمة قانونها الوطني ليتوافق مع الالتزامات الدولية. ويوفر القانون الدولي الإنساني عدة آليات محددة تساعد في تنفيذه. والدول مطالبة على وجه الخصوص بكفالة احترام الدول الأخرى أيضاً للقانون الإنساني. كما أن هناك أحكاماً عن إجراءات للتحقيق، وآلية الدولة الحامية، واللجنة الدولية لتقصي الحقائق. وفضلاً عن ذلك، يوكل إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور أساسي في تأمين احترام القواعد الإنسانية.

وتتسم آليات تنفيذ حقوق الإنسان بالتعقيد وتتضمن، على خلاف القانون الدولي الإنسانين نظاماً إقليمياً. وتقوم هيئات إشرافية، من قبيل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إما على ميثاق الأمم المتحدة أو أحكام ترد في معاهدات محددة (على سبيل المثال، لجنة حقوق الإنسان المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة لعام 1966). وقد أنشأت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيئاتها الفرعية آليه "المقررين الخاصين" والأفرقة العاملة، الذين تتمثل مهمتهم في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان والإبلاغ عنها، سواء حسب البلدان أو المواضيع.

وتنص ست معاهدات لحقوق الإنسان الرئيسية أيضاً على إنشاء لجان (مثل لجنة حقوق الإنسان) تتألف من خبراء مستقلين مكلفين بمراقبة تنفيذ تلك المعاهدات. كما تنشئ بعض المعاهدات الإقليمية (الأوربية والأمريكية) محاكم لحقوق الإنسان. وتؤدي مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دوراً رئيسياً في حماية وتعزيز حقوق الإنسان. ويتمثل دورها في تعزيز فعالية أجهزة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وزيادة القدرة الوطنية والإقليمية والدولية على تعزيز وحماية حقوق الإنسان ونشر مواثيق حقوق الإنسان والمعلومات المتعلقة بها. ان صكوك حقوق الإنسان، تشمل الصكوك العديدة السارية الآن:

أ‌) الصكوك العالمية:

· الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948

· اتفاقية 1948 لمنع جريمة إبادة الأجناس والمعاقبة عليها

· العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966

· العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية لعام 1966

· اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1981

· اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984

· اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989

ب‌) الصكوك الإقليمية:

· الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950

· الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969

· الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981

تتضمن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان بنوداً تبيح للدول لدى مواجهتها لخطر عام جسيم أن توقف العمل بالحقوق الواردة في هذه الصكوك، باستثناء حقوق أساسية معينة، مبينة في كل معاهدة، يجب احترامها في جميع الأحوال ولا يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة. وتشمل هذه الحقوق بصفة خاصة، الحق في الحياة وحظر التعذيب والعقوبات والمعاملة اللاإنسانية، وحظر العبودية والاسترقاق، ومبدأ الشرعية وعدم رجعية القانون. ويطلق اسم الجوهر الثابت لحقوق الإنسان على هذه الحقوق الأساسية، التي تلتزم الدول باحترامها في جميع الأحوال- حتى في أوقات النزاع أو الاضطرابات.

لما كان القانون الإنساني ينطبق على وجه التحديد في الأوضاع الاستثنائية التي تشكل النزاعات المسلحة، فإن مضمون حقوق الإنسان التي يتعين على الدول الالتزام بها في جميع الأحوال (أي الجوهر الثابت) يتفق إلى حد بعيد مع الضمانات الأساسية والقانونية التي يكفلها القانون الإنساني، ومنها على سبيل المثال حظر التعذيب والإعدام بدون محاكمة. (ص21، والمادة 75 من البروتوكول الأول، والمادة 6 من البروتوكول الثاني).

وقصد الأوروبيون والمفكرون في بلدان الغرب من فكرة السلام:

· السلام الذي يشترط نبذ استخدام القوة ونزع السلاح، وبالذات "سلاح الدمار الشامل" من جميع الدول، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، وتحقيق الرخاء الاقتصادي، وتقليل الفجوة في مستوى الحياة بين الطبقات وبين الدول، وخاصة بين دول الجنوب الفقيرة ودول الشمال الغنية. وحل المشكلات التي تفرضها الطبيعة.

· السلام يعني عدم التدخل في شؤون الدول الصغيرة والفقيرة، واحترام خياراتها السياسية، وصون هويتها القومية والثقافية.

· والسلام المقصود هو الذي يستبعد منطق القوة، ويغلب قوة الحق وقوة المنطق والحجة على منطق القوة المادية، حيث ان القوة هي أحد الأسباب وراء الحروب، وهي القدرة على خوض الحرب، فالقوة يمكن تعريفها "بأنها مجموعة الوسائل والطاقات والإمكانيات المادية وغير المادية، المنظورة وغير المنظورة التي بحوزة الدولة، يستخدمها صانع القرار في فعل مؤثر يحقق مصالح الدولة، وتؤثر في سلوك الوحدات السياسية الأخرى.

الحروب هي نقيضة السلام، فهي تحرم الإنسان حريته، وتحجب عنه كرامته الإنسانية. فهي بالتالي معوق أساسي أمام حقوق الإنسان في أن تأخذ مجالها في الدول والمجتمعات. ولذلك فقد حرصت الصكوك الدولية على التحذير من مخاطر الحروب والدعوة للسلام. وقد حذر ميثاق الأمم المتحدة من استخدام القوة في العلاقات الدولية، باستثناء استخدامها في الدفاع عن النفس حسب ما ورد في المادة (51) من الميثاق، وكذلك في حالات نضال الشعوب من أجل الاستقلال وتقرير المصير في شكل الحكم الذي تختاره. ولذلك حرصت ديباجة الميثاق على مناشدة الدول في سبيل إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب، ويقصد الميثاق الحربين العالميتين الأولى والثانية، اللتين جرتا ويلات كبيرة على شعوب الدول المتقدمة، وبالذات أوروبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق واليابان.

ومنذ الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945 لم تقع حرب عالمية ثالثة بالمعنى الدقيق، لأن الدول الكبرى باتت تملك أسلحة نووية كافية لأن تدمر دول العالم ست مرات في الأقل، حسب تقديرات علماء الذرة. لكن الحروب استمرت وكان ضحيتها شعوب عالم الجنوب ابتداء من الحرب الكورية ثم الحرب الفيتنامية وكمبوديا ولاوس، ثم حروب أمريكا اللاتينية والحروب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لفلسطين، وأخيرا الحروب في أفغانستان والعراق وليبيا واليمن وسورية. وهذا يعني أن ما ورد في ديباجة الميثاق لم يُفَعَّل، ولم يتم إنقاذ الأجيال من ويلات الحروب، وبالذات أجيال شعوب عالم الجنوب، وقد كانت خسائر الحروب التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية كبيرة جدا، وقد يقترب عددها من خسائر الحرب العالمية الثانية.

لقد أنكرت الحروب كلها حق الإنسان في الحياة والأمن والسلام، ولذلك ركزت مقاصد الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين، وإقامة علاقات ودية بين الأمم، وتحقيق التعاون بين الدول لحل المشكلات والنزاعات بالطرق السلمية. وقد ربطت المادة الأولى من الميثاق بين حفظ الأمن والسلم الدوليين وبين مراعاة حقوق الإنسان. وأوكل الميثاق مهمة حفظ الأمن والسلم الدوليين إلى مجلس الأمن الدولي، وأعطى الجمعية العامة بعض الصلاحيات في هذا المجال، إذ طلب مجلس الأمن منها ذلك، وركز في مهماته على تطبيق نظام الأمن الجماعي وفق منظور سياسي، وليس من منظور قانوني يراعي الحق والعدل والإنصاف. وأكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الفقرة الأولى منه على الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع اعضاء الأسرة الدولية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة، وعدها المجلس أساس الحرية والعدل والسلم في العالم.

وربط الميثاق التأسيسي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بين حقوق الإنسان والسلم، حين أكد أنه "لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام". وتهدف المنظمة الإسهام في صون السلم والأمن الدوليين بتعزيز التعاون بين الأمم عن طريق التربية والعلم والثقافة، من أجل دعم الاحترام العالمي للعدالة وسيادة القانون، ولحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يؤكدها ميثاق الأمم المتحدة لشعوب العالم، دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين.

وأعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة في إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة عن إدراكها للصلة الوطيدة بين حق تقرير المصير واحترام حقوق الإنسان والسلم، وكذلك إعلان الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، إذ أكد أنه إهانة للكرامة الإنسانية، ويجب أن يدان باعتباره إنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية المعلنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعقبة دون قيام علاقات ودية وسلمية بين الأمم، ودافعا من شأنه تعكير السلم والأمن بين الشعوب.

يرتبط مقصد تحقيق الأمن والسلم بنزع السلاح، لأن حق الإنسان في العيش بسلام وأمان، يرتبط بإشاعة مبادئ السلام القائمة على الحق والعدل والمساواة والإنصاف، وكذلك في العمل الدؤوب من جانب الدول لنزع السلاح، وخاصة "أسلحة الدمار الشامل" - الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية والبالستية -.

إن نزوع البشر للعيش بسلام، يتناقض مع القوة التي تثير النزعة العدوانية، وتشعل نار الحروب بين الأمم. ولذلك فأن نزع السلاح مطلب إنساني من أجل أن تعيش الأمم في أمان وسلام، تتفرغ للتنمية بكل مضامينها التي تعود على البشرية بكل الخير والنهضة، وهي مقاصد الأمم في تطبيق حقوق الإنسان.

إن سباق الدول في التسلح يستنزف قدرات الدول والشعوب المادية والعقلية، ويحول بينها وبين العمل من أجل رفاه الناس وسعادتهم. فالتقدم العلمي الذي أحرزته الأمم يتم استخدامه في سباق التسلح لتعزيز قوة الدول، وهذا السباق يستنزف الطاقات الاقتصادية بدلا من تسخيرها لخدمة الإنسان.

لقد عهد ميثاق الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن والجمعية العامة بأمر الحد من انتشار الأسلحة ذات الدمار الشامل، ومنح الجمعية العامة الحق في أن تنظر في المبادئ العامة للتعاون في حفظ الأمن والسلم الدوليين، بما في ذلك نزع السلاح. وللجمعية أن تقدم توصياتها بصدد هذه المبادئ إلى مجلس الأمن للنظر في هذه التوصيات، في ضوء مهمته الأساسية بالعمل على حفظ الأمن والسلم الدوليين.

عقدت الجمعية العامة دورات خاصة حول نزع السلاح، والسعي لجعل العالم خاليا من أسلحة الدمار الشامل، إلا أن هذه الجهود لم تحول دون سعي الدول المحموم لنيل أو تصنيع أسلحة جديدة ومتطورة، وقد أظهرت الحروب التي شهدتها السنوات الأخيرة أنواعا فتاكة من الأسلحة المحرمة دوليا مثل قنابل النابالم والقنابل الفسفورية والقنابل المشبعة باليورانيوم المنضب وغيرها من الأسلحة المهلكة. كل هذا يؤشر عدم التزام الدول وخاصة الدول الكبرى بدعوات الأمم المتحدة للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، وكذلك الأسلحة التقليدية المتطورة، التي تحدث دمارا كبيرا في المنشآت، وقادرة على قتل أعداد كبيرة من البشر.

وللرد على نزعات الدول في سباق التسلح، دعت الجمعية العامة في إعلانها حول التقدم والإنماء الاجتماعي، إلى تحقيق نزع عام وكامل للسلاح واستعمال الموارد المحررة لتأمين التقدم الاقتصادي والاجتماعي بغية توفير رفاه البشر في العالم قاطبة وخاصة في بلدان الجنوب النامية. كما دعت إلى اعتماد تدابير تساعد على تحقيق نزع السلاح ولا سيما حظر تجارب الأسلحة النووية حظرا تاما. وحظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة الكيماوية والبكترويولوجية والبيولوجية، ومنع تلوث المحيطات والمياه الداخلية بالفضلات النووية. (المادة 27).

أن البشر في كل أنحاء العالم لهم حق مقدس في أن يعيشوا في أمان وسلام، ويتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة للقضاء التام والشامل على الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل، وتتحمل الدول الكبرى المصنعة للسلاح مسؤولية الحد من إنتاج الأسلحة وتوزيعها وبيعها إلى الدول أو الجماعات المسلحة مباشرة أو عبر وسطاء دوليين. ولكن واقع الحال يشير إلى عكس ذلك، فالدول الكبرى في سباق محموم لصناعة الأسلحة وبيعها لمن يطلبها ويدفع ثمنها وبأسعار مرتفعة، وتقف الولايات المتحدة في المرتبة الأولى في العالم في مبيعات الأسلحة، وتأتي روسيا في المرتبة الثانية، حيث تبيع الدول الكبرى أسلحة بمليارات الدولارات وتشكل هذه المبيعات أحد المداخيل القومية لهذه الدول.

أما الأمن والسلم الدوليين اللذين يعدان من أهم مقاصد الأمم المتحدة فهو شأن خاص بالدول الكبرى، أي أن تنعم شعوب هذه الدول بالأمن والسلم فقط، دونما أي اهتمام بأن تنعم شعوب دول الجنوب بهذا الحق. كما أن المسؤولين في دول الجنوب تقع على عاتقهم مسؤولية إشاعة الأمن والسلم في بلدانهم بحيث تنعم بها شعوبهم، وهذا الأمر يقتضي منهم توجيه عنايتهم باتجاه التنمية بكل مضامينها وإقرار مبادئ التعاون والعلاقات الودية بين الدول وعدم الركض وراء سباق التسلح الدولي والإقليمي.

اليوم العالمي للسلام

يحتفل العالم في كل عام بيوم 21 من شهر أيلول في يوم السلام العالمي وذلك بموجب قرار أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (36/67) عام 1981، لتكون مناسبة عالمية مشتركة يتم بها احتفال جميع شعوب العالم معاً بهذا اليوم، وقد أقيم أول احتفال بيوم السلام العالمي في عام 1982، إلى أن قامت الجمعية العامة في عام 2001 بالتصويت والإجماع على القرار (55/8282)، الخاص بالتحديد في تاريخ 21 أيلول من كل عام يوماً للسلام العالمي ووقف إطلاق النار ومنع العنف والقتل بين الدول، وبهدف تكريس وتمجيد أهمية السلام لدى الإنسان، وتعزيز الُمثل والقيم الإنسانية من أجل الدعوة إلى السلام ونشره بين الأمم وتشجيعه، وقد جاء ميثاق الأمم المتحدة من أجل محاربة النزاعات وحل الصراعات والحروب الدولية والحدّ منها، من خلال طرح الحلول السلمية التي تساعد في نشر الأمن والسلام في العالم كله، ويتزامن يوم الاحتفال بيوم السلام مع موعد انعقاد الجلسة الافتتاحية لدورة الجمعية العامة الذي يأتي في كل عام بالثالث من شهر ايلول.

طرحت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراراها عام (1998) باعتبار العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين (2001-2010) عشرية دولية لدعم ثقافة اللاعنف والسلام لفائدة أطفال العالم، تعريفاً، لثقافة السلام. يقوم على اعتبارها "مجموعة من القيم والتصرفات والسلوكيات، التي تعكس وتشجع قيام تفاعل اجتماعي، وبناء عقلية تقاسميه يقومان كليهما على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية وعلى جميع حقوق الإنسان وعلى التسامح والتضامن ونبذ العنف، ويعملان على ردع النزاعات بالتعرض لأسبابها العميقة، وحل المشاكل بالحوار والتفاوض، ويضمنان ممارسة كاملة لجميع الحقوق والإمكانيات لتحقيق مساهمة كاملة في عملية تنمية المجتمع. وبهذا التعريف فإن ثقافة السلام تعني منظومة من القيم والمبادئ والمفاهيم والتوجيهات والمواقف والسلوكيات التي تؤسس للسلام بمعناه الأشمل، والأمثل وتشكل معاً مضمونه، وتعمل على استثماره بما يساعد على حمايته وإنمائه واستمراره.

واعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة في عام 2015 لما أدركته من أن بناء عالم ينعم بالسلام يتطلب اتخاذ خطوات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع شعوب الأرض في كل مكان، ولضمان حماية حقوقها. وتشمل الأهداف الإنمائية طائفة واسعة من القضايا، بما فيها الفقر والجوع والصحة والتعليم وتغير المناخ والمساواة بين الجنسين والمياه والمرافق الصحية والطاقة والبيئة والعدالة الاجتماعية.

موضوع اليوم الدولي للسلام لعام 2018 هو : الحق في السلام -70 عاما منذ إقرار الأعلان العالمي لحقوق الإنسان , يراد بهذا الموضوع الاحتفاء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يمثل وثيقة تاريخية فيما يتصل بحقوق الإنسان. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت الإعلان - الذي صاغة ممثلون من ثقافات ومرجعيات قانونية مختلفة من كل أنحاء العالم - في باريس في 10 كانون الأول 1948 بوصفه معيارا عاما للإنجاز أمام كل الشعوب والأمم.

ان المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية السورية المنتجة لهذا التقرير الخاص بعنوان " تقرير خاص عن حق الشعوب والأمم بالسلام في يوم السلام العالمي" تشارك احتفاء الأمم المتحدة باليوم الدولي للسلام، وذلك في 21 ايلول من كل عام، الذي يعتبر يوماً للامتناع عن العنف ووقف إطلاق النار، و مكرساً لتعزيز أسس ومثل السلام في أوساط الأمم والشعوب وفيما بينها. وتزامناً مع الذكرى السنوية السابعة والثلاثين لإعلان الأمم المتحدة بشأن حق الشعوب في السلم، تقرر أن يكون موضوع اليوم الدولي لهذا العام الاحتفاء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يمثل وثيقة تاريخية فيما يتصل بحقوق الإنسان. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت الإعلان - الذي صاغة ممثلون من ثقافات ومرجعيات قانونية مختلفة من كل أنحاء العالم - في باريس في 10 كانون الأول 1948 بوصفه معيارا عاما للإنجاز أمام كل الشعوب والأمم، إذ تتيح هذه الذكرى السنوية فرصة فريدة لتأكيد التزام الأمم المتحدة بالغايات التي أنشئت لأجلها المنظمة والمبادئ التي قامت عليها، وقد أشار ذلك الإعلان إلى أن تعزيز السلم أمر حيوي للاستمتاع بكامل حقوق الإنسان.

وبهذه المناسبة، تؤكد المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية السورية المنتجة لهذا التقرير الخاص أهمية هذا اليوم في إرساء ثقافة السلام والأمن الدوليين، وتجنيب العالم خطر وويلات الحروب وأعمال العنف، والقضاء على كافة أسلحة الدمار الشامل، وتبني الخيار السلمي لتسوية المنازعات الدولية، والسير قدماً نحو مزيد من تشابك العلاقات وتبادل المصالح بين الدول، متمنية أن يكون السلام الحقيقي هو السلام القائم على العدل والإنصاف والمساواة والحق واحترام حقوق الإنسان وكرامته وآدميته.

كما تنتهز المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية السورية المنتجة لهذا التقرير الخاص هذه المناسبة، لتعبّر عن تأييدها المطلق لدعوة الأمم المتحدة كافة الأمم والشعوب إلى الالتزام بوقف الأعمال العدائية خلال هذا اليوم، وإلى إحيائه بالتثقيف ونشر الوعي لدى الجمهور بالمسائل المتصلة بالسلام.

وفي الوقت ذاته، تدعو المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية السورية المنتجة لهذا التقرير الخاص جميع الأطياف المجتمعية في الوطن السوري إلى ضرورة التعاون من أجل تأكيد احترام حقوق الإنسان وقيم السلام وتوجيه الجهود نحو التنمية، ونبذ الفتنة والتطرف واحترام سيادة القانون، ومطالبة جميع الأطراف الحكومية وغير الحكومية ببذل كافة الجهود لإحياء وتثقيف ونشر الوعي بين كافة المواطنين السوريين بالمسائل المتعلقة بالسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ونشير الى ان الأمم المتحدة دعت الى دعم الهدف 16 المتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات القوية إلى تعزيز المجتمعات التي تنعم بالسلم والشمول لتحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة سبل تحقيق العدالة للجميع وبناء مؤسسات شاملة ومسؤولة وفاعلة على كل المستويات. فالمجتمع الذي ينعم بالسلام هو المجتمع الذي يتمتع أفراده بالعدالة والمساواة. فالسلام يمكن من وجود بيئة مستدامة تساعد بدورها على تعزيز السلم. يتيح يوم السلام العالمي لشعوب العالم بالاحتفال معاً والتنظيم المشترك لأحداث وأعمال تدعم وتعزز دور السلام في حياة الشعوب والأمم، والدعوة في هذا اليوم إلى الالتزام بتوقف العداء والقتال، وإلى نشر الوعي والثقافة بين الناس، ويمنح الإنسان المثل الأعلى بنيل الحرية والسعادة للعيش بالأمان الذي يطمح له في كل العالم، وفي تحقيق السلام الذي يقارب بين الدول والشعوب على مختلف أجناسها وأديانها، والسلام من أهم الركائز والدعائم الأساسية والرئيسية في بناء ودعم قوة الدول العالم كله، فالسلام يعني الأمن والطمأنينة الذي هو عكس العنف والخوف والحرب، الذي يوفر للإنسان الحياة الآمنة والمستقرة، أما الدول التي تعاني من العنف والحرب، فإنها لا تعرف السلام ولا تنعم بالاستقرار، ولا يعيش شعوبها في أمن وسكينة.

ودعت الأمم المتحدة الى تعزيز حقوق الإنسان من خلال جمع فيديوهات عن مواد الإعلان ونشرها في أوسع مدى. وتسجيل قراءة مادة من مواد الإعلان الثلاثين بأي لغة من اللغات الـ 135 المتاحة حاليا، وتبادل التسجيلات مع الآخرين. ويمكن كذلك المشاركة من خلال الدفاع عن حقوق الآخرين الإنسانية سواء في العمل أو في المدرسة أو في المنزل.

أن توفر السلام العالمي هو مطلب أساسي وحضاري لتقدم الشعوب وتطورها، والذي يؤثر على الفرد والجماعة بشكل إيجابي للعيش بحرية ورفع معنويات الإنسان، ليصبح قادراً على الإنتاج والإنجاز بالعمل والعطاء وممارسة الحياة الطبيعية بدون تهديد حياته ومصالحه، ونشر المحبة والتآلف والطمأنينة في أرجاء العالم كله.

وللمعرفة أكثر بيوم السلام العالمي، لابد لنا من ايراد الحقائق التالية:

1- غرض يوم السلام العالي الأساسي هو إرساء قيم السلام في العالم، بالإضافة لإنهاء حالات الحروب والعنف سواء الداخلي أو الخارجي.

2- المرة الأولى الذي احتفل فيها بيوم السلام العالي في الأمم المتحدة عام 1982م، ومنذ هذا التاريخ بات الاحتفال به سنويًا.

3- في 2015 حدد الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، يوم الاحتفال باليوم السلام العالمي قبلها بعام.

4- وضع كي مون خطة سلام لتنفيذها في خلال 15 عامًا، من بينها تحقيق السلام ومحاربة الفقر، وبذل المزيد من الجهد للحفاظ على كوكب الأرض.

ونشير الى مفهوم ثقافة السلام الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية تحت عنوان "بحوث السلام" ومن بعد تبنته منظمة الأمم المتحدة، غير أن هذا المفهوم قد تطور أخيراً في نهاية القرن الماضي وظهر ذلك في عدد من المؤتمرات والندوات والإعلانات ذات الصلة التي تناولت تحليل أبعاد هذا المفهوم ومرتكزاته وطرق تحقيقه، على اعتبار أن ثقافة السلام هي ثقافة للتعايش والتشارك المبنية على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والتضامن، هي ثقافة ترفض العنف وتدعو لحل المشاكل عن طريق الحوار والتفاوض كما حدد بيان موسكو بشأن السلام أهم مرتكزات ثقافة السلام فقد اعتمدت الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) برنامج ثقافة السلام (عام 1992) كاستراتيجية لبناء السلام والمصالحة في مرحلة ما بعد النزاعات. وفي عام 1996 أطلقت اليونسكو مفهوم ثقافة السلام وبالنسبة للمنظمة فإن هذا المفهوم يعني المكونات التالية:

أ‌- إحلال اللاعنف محل القوة والعنف كآداب لإحداث التغيير.

ب‌- تعبئة الناس لتشجيع التفاهم والاحترام، والتضامن.

ت‌- إحلال نظم الديمقراطية الفعالة محل الأنظمة التراتبية أو الاقتصادية في الحكم.

ث‌- وجود تدفق حر للمعلومات متوفر للجميع يحل محل احتكار بعض المجموعات للمعلومات.

ج‌- إحلال ثقافة مبنية على التقاسم المتساوي للسلطة بين الرجال والنساء محل ثقافة السيطرة الذكرية.

ح‌- السلام هو أساساً احترام الحياة.

خ‌- السلام هو أكثر من نهاية الحروب المسلحة.

د‌- السلام هو سلوك.

ذ‌- السلام هو الاندماج الحقيقي للكائن الإنساني في مبادئ الحرية، والعدالة، والمساواة، والتضامن بين البشر.

ر‌- السلام هو تزاوج مزدوج بين الإنسانية والبشرية.

وهذه المكونات تتركز على مجموعة من القواعد هي:

1. احترام الهوية الثقافية.

2. الاهتمام بالتعليم من أجل التغيير وتعزيز القيم التي تدفع للسلام.

3. الاهتمام بالمرأة أو ما يسمى بتأنيث الثقافة لإعطاء دور أكبر للنساء.

4. الاهتمام بالشعب وحقوق الانسان في مواجهة أي انتهاك حكومي او غير حكومي.

5. التدريب والممارسة لتسوية النزاعات والوساطة في النظم المدرسية، وبين الموظفين واشتراك المجتمع المحلي.

6. تضمين المناهج الدراسية معلومات عن الحركات الاجتماعية من أجل السلام واللاعنف والديمقراطية والتزاميه العدالة.

لقد ركز المؤتمر الدولي المعني بالتعليم في جنيف أكتوبر 1994 على أهمية التعليم والمناهج الدراسية في خلق وعي بأهمية السلام ودوره في نشر ثقافته، كما تم الربط بين السلام والتنمية، فقد اعتبرت التنمية هي صمام الأمان للسلام ففي طريق التنمية يمكن رفع مستوى المعيشة والقضاء على الفقر والعديد من الأسباب المؤدية للصراع وهذا يتطلب تخصيص ميزانية أوسع لمشاريع التنمية بدلاً من تخصيصها للاحتياجات العسكرية.

حول ثقافة السلام:

وقد ورد في المادة 1

ثقافة السلام هي مجموعة من القيم والمواقف والتقاليد وأنماط السلوك وطرق الحياة ,و مستندة على:

أ‌- احترام الحياة وإنهاء العنف والترويج وممارسة اللاعنف من خلال التعليم والحوار والتعاون.

ب‌- الاحترام الكامل لمبادئ السيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول وعدم التدخل في الأمور التي هي في الأساس ضمن الولاية القضائية الداخلية لأي دولة، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ؛

ت‌- (ج) الاحترام الكامل لجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيزها ؛

ث‌- (د) الالتزام بالتسوية السلمية للمنازعات ؛

ج‌- (هـ) الجهود الرامية إلى تلبية الاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة ؛

ح‌- (و) احترام وتعزيز الحق في التنمية ؛

خ‌- (ز) احترام وتعزيز المساواة في الحقوق والفرص بين النساء والرجال ؛

د‌- (ح) احترام وتعزيز حق كل فرد في حرية التعبير والرأي والعنف

ذ‌- (ط) اﻻلتزام بمبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والتضامن والتعاون ،التعددية والتنوع الثقافي والحوار والتفاهم على جميع مستويات المجتمع وفيما بين الأمم ؛ وتعززها بيئة وطنية ودولية تمكينية تفضي إلى السلام

القراران التي اعتمدتها الجمعية العامة

[دون الإحالة إلى لجنة رئيسية (A / 53 / L.79)]

53/243. الإعلان وبرنامج العمل بشأن ثقافة السلام

ان مفهوم ثقافة السلام , مفهوم مركب يجمع بين الثقافة والسلام كمضاف ومضاف إليه، والمفهوم المركزي هنا هو المضاف إليه أي السلم ,وأن السلام الإيجابي كانتفاء العنف المسلح هو السلام المطلوب لأنه ينصرف إلى معالجة أسباب الصراع وحل المنازعات بالطرق السلمية، وفي نفس الوقت تعزيز مقومات السلم، أما الثقافة فإنها التي تنطوي على أبعاد ثقافية، فللثقافة دور مزدوج وبإمكانها أن تدفع للصراع أو العنف عندما تكون ثقافة عنف، وبهذا المعنى فإن ثقافة السلم هي منظومة من القيم والمبادئ والمفاهيم والتوجهات والمواقف والسلوكيات التي تؤسس للسلم بمعناه الأشمل والأمثل وتشكل معاً مضمونه وتعمل على استثماره بما يساعد على حمايته وإنماءه واستمراره". وبهذا المعنى فإن ثقافة السلم هي:

1. ليست ثقافية نظرية فحسب فهي قيم ومواقف ومشاعر واتجاهات عقلية.

2. لا توجد منفصلة عن الإطار الثقافي العام، بل هي تتداخل معه كما إنها نتاج للثقافة القائمة وانعكاس لها.

3. يوجد روابط قوية بين السلام والديمقراطية والتنمية، فعملية نشر ثقافة السلام بهذه المعاني تتطلب أكبر من مجرد حملات دعائية وشعارات رنانة وندوات ثقافية وعلمية بل تتطلب جهداً من نوع فريد يبدأ من مرحلة الصفر أي التربية وهنا تعتبر المرأة مسئولة مباشرة فيها فإذا ما اعتبرنا أن عملية نشر ثقافة السلام تمر بمراحل عدة حتى نصل للسلام المطلوب.

أن مفهوم السلام عادة ما يرتبط بإطار فكري وثقافي معين يكون له أثر كبير في تعريفه وتحديد طبيعته، ففي اللغة السلام من سلم، وهو يستعمل أسماً بمعنى الأمان والعافية والتسليم والتحية، ومن جهة نظرة سياسية وعسكرية فالسلام في أبسط معانيه يعني عدم الحرب. وحالياً لم يعد موضوع السلام هو فقط عدم الحرب، بل أصبح للسلام أبعاد عديدة ترتبط بها إشكاليات كثيرة، فالعدل، احترام حقوق الإنسان، الأمن، الحفاظ على البيئة، عدم العنف، الاستقرار، التسامح، التعاون، فهم الآخر، الديمقراطية، حرية التعبير والمشاركة السياسية، وعدم التمييز، الهوية، كلها تدخل ضمن أبعاد مفهوم السلام المختلفة والتي لم تعد تقتصر على المدلول السياسي فقط، فهناك المدلول الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والأمني والبيئي إلى الجانب السياسي هذا من جانب، ومن جانب آخر هناك إشكالية تتعلق بالعلاقة بين ثلاثة أبعاد تتصل بمفهوم السلام وهي المفهوم نفسه أي السلام ، تعريفه، والعمل على تحقيقه.

وبما ان السلام هو عدم الحرب، فبالضرورة يجب ان تكون جميع الاستراتيجيات من اجل العمل على منع قيام الحروب، والتحكم في مسارها، والعمل على إيقافها، فمفهوم السلام وتعريفه هما شيء أساسي في صنعه، كما أن تعريف مفهوم السلام وتحديده بوضوح يحدد طريقة تنفيذه فكل معنى يتطلب استراتيجية معينة لتحقيقه. والسلام المطلوب حالياً في الألفية الثالثة عالم بلا حروب و بلا صراعات محلية أو إقليمية أو دولية , مع التركيز على السلام المحلي الذي يوصل في النهاية إلى السلام العالمي، ففي ظل العولمة تشابك الأحداث والمصالح ومن الصعب تحقيق حيادية ظاهرة بذاتها عن الظواهر الأخرى أو مفهوم بذاته عن المفاهيم الأخرى المرتبطة به، فلا يمكن حالياَ فهم السياسي بدون الاجتماعي أو إهمال الاقتصادي والعناية بالثقافي بدون الديني.

تصنيفات السلام :

يصنف السلام إلى سلام عالمي، سلام إقليمي، سلام محلي. وكل صنف من هذه التصنيفات له آليات معينة لتحقيقه تطورت مع تطوير الأوضاع الدولية ودخلت عليها مضامين جديدة لم تكن تحويها سابقاً.

أ ـ السلام العالمي : بعد الحرب العالمية الثانية وتشكيل الأمم المتحدة ساد مفهوم العالمية على كل وصف وتصنيف للظواهر السياسية خاصة في مجال العلاقات الدولية، وانبرت المنظمات الدولية والإقليمية تتسابق في تحقيق العالمية لأهدافها ومبادئها فقد استشعرت الأمم المتحدة كمنظمة دولية أهمية تكاثف الجهود الدولية لتحقيق الازدهار والرخاء والسلام العالمي لفترة ما بعد الحرب، والذي بينته خبرة الحرب، فنبهت بأن مطلب حفظ السلم والأمن الدوليين والذي جعلته أولى مقاصد المنظمة ،هو مطلب عالمي يجب على كل الدول أن تتكاثف لتحقيقه. فبينت بأن السلام العالمي لا يتحقق فقط من منع استخدام القوة في العلاقات الدولية، أو مشروعية إعلان الحرب، وإنما في الإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وتحقيق العدالة واحترام الالتزامات وبالاعتراف بكرامة الفرد والحقوق المتساوية للرجال والنساء، والتسامح وحسن الجوار وذلك كما نصت عليه ديباجة المنظمة. فتحقيق التعاون الدولي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد، دون تمييز، بسبب الجنس أو اللون أو الدين، من شأنه أن يساعد على إزالة الأسباب التي تهدد السلم والأمن الدوليين، وكان هذا تطوراً في مفهوم السلام وتطوراً في فهم العوامل التي تؤدي إلى توثيق الأواصر بين الشعوب ومنع الصراعات فيما بينها ولكن بعد إنشاء المنظمة وانتهاء الحرب، بدأت مرحلة جديدة من الصراعات والحروب الدولية إذا اختلفت هذه في شكلها ومضمونها وأسبابها عما كان في الفترة السابقة للحرب فتطلب ذلك جهوداً واستراتيجيات جديدة لمواجهتها. وعملت الأمم المتحدة كمنظمة عالمية والمنظمات الإقليمية التابعة لها جاهدة على تحقيق السلام العالمي والتخفيف من حدة هذه الصراعات والتقليل من سلبياتها وآثارها، وكان ما أعطته هذه الحروب هو دفعة قوية في تطوير مفهوم السلام العالمي من جديد ليتخذ في بداية السبعينيات من القرن العشرين منحناً اقتصادي واجتماعي عبرت عنه موجة تشكيل المنظمات والهيئات الإقليمية المشتركة ذات الطابع الاقتصادي لتفعيل التعاون الدولي كأساس ومبدأ للسلام. ومع تطور الثورة العلمية والتكنولوجية في نهاية القرن العشرين دخلت مضامين حديثة على السلام العالمين فصار هناك أمن مائي وأمن بيئي وأمن غذائي وارتبط ذلك بالسلام العالمي، فأزمة الغذاء الحالية تهديد للسلام العالمي والصراع على المياه يحمل معه بذور صراعات دولية مستقبلية جديدة. هذا إلى جانب تغير وتطور أشكال الصراعات الدولية وزيادة حدتها فلم تعد صراعات حدود وزعامة ومناطق نفوذ فقط. بل أصبحت صراعات أفكار أيديولوجية ومعتقدات دينية. كما حملت الصراعات المحلية بذور تهديد للاستقرار الإقليمي وتطلبت تدخلاً دولياً لإنهائها كصراع البوسنة أو أزمة البلقان، حتى أن صراع الإقليم داخل الدولة الواحد غدى ينظر إليه على أنه تهديد للسلام العالمي كصراع (دار فور) مثلا وتعددت مجلس الأمن الدولي بخصوص قضايا محلية، وإقليمية نوقشت على أساس تهديدها للسلام العالمي. والأمثلة كثيرة بداية من النزاعات الطائفية المحلية مروراً بصراعات الاستقلال والانفصال حتى أنه ينظر حالياً إلى أن أيديولوجيات بعض الأنظمة السياسية وراؤها في بعض الأقاليم تحمل بذور التهديد للسلام العالمي وهذه الترابطية بين الإقليمي والدولي تضمنتها الرؤية العالمية التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة ونظرية الأمن الجماعي فيها، كأساس لتحقيق السلم والأمن الدوليين.

ب ـ السلام الإقليمي : وهو ما يرتبط بتحقيق الاستقرار والأمن في منطقة إقليمية معينة، في الماضي انصرف هذا المفهوم إلى تدعيم قيم حسن الجوار، وعدم التدخل في شئون الداخلية للدول الأخرى، واحترام الدول الكبيرة للدول الصغيرة، والتعاون الاقتصادي بين الدول المتجاورة، وتنشيط وتفعيل الاتصال الثقافي والمصالح المشتركة بين الدول المتجاورة، وحالياً مع تزايد حدة الصراعات الطائفية لوجود الأقليات المنتشرة في الأقاليم المتجاورة، تضمن مفهوم السلام الإقليمي مضامين محلية كانت تقتصر مناقشتها على الدولة القومية، الأمر الذي استدعى تطوير آليات جديدة لتحقيق هذا المفهوم واستنفار وتكاثف الجهود الإقليمية مجتمعة لإعادة الاستقرار في المنطقة.

جـ - السلام المحلي: هو السلام داخل الدولة الواحدة، وهنا تختلف المفاهيم والرؤى فما تعتبره الدولة شأن داخلي قد لا تعتبره الدول الأخرى كذلك. فأحداث كصراع الفئات الاجتماعية على السلطة، والعجز الاقتصادي، والتهديد الخارجي، وشغب الأقليات الطائفية، الدينية، والضعف السياسي كلها مسببات للصراع الداخلي العنيف الذي يمكن تصديره للخارج عن طريق الأقليات المتجاورة عند الحدود المشتركة وبالتالي تحمل بذور تهديد إقليمي يستلزم التدخل في الشئون الداخلية للوحدة السياسية وأحداث العراق خير مثال على ذلك.

وتأسيساً على ما سبق نقول أن مضمون السلام في حد ذاته حالياً يمثل إشكالية فمال بال بسبل تحقيقه. فمن خلال استعراضنا لتصنيفات السلام نقول بأن السلام لا يعني فقط أن الأوضاع مستقرة أو عدم وجود الصراع، وحتى هذه تحمل الكثير من المعاني فإذا اعتبرنا الاستقرار هو عدم وجود صراع، فأي الصرعات تقصد هل هي الصراعات العنيفة أم الصراعات غير العنيفة وهذا يحملنا لتوضيح نوعين من السلام هما السلام السلبي والسلام الإيجابي وسبل وقوع كل منها:

* السلام السلبي: هو غياب العنف في التجمعات الإنسانية الرئيسية كأمم والدول وبين التجمعات العرقية والعنصرية.

* السلام الإيجابي: يعني نموذجاً للتعاون والدمج بين التجمعات البشرية الرئيسية وغياب العنف، مما يوفر أرضية مناسبة للقضاء على مسببات الصراع وحل الخلافات والتفاهم وبالتالي بناء السلام المطلوب.

وهذا يعني أن السلام السلبي مقدمة للسلام الإيجابي الذي يقوم على الاختيار الطوعي والواعي والمؤسس على الاقتناع بالسلم والالتزام المبدئي بتمكينه واستدامته، أما السلام السلبي، فيقوم على الاضطرار الذي مرده العجز أو التوازن القوي والخوف على فوات مصلحة. وبالتالي فإن السلام الإيجابي هو أوسع وأشمل في معناه من مجرد انتقاء العنف المسلح فهو يقوم على العزم على معالجة أسباب العنف والحرص على حل المنازعات بالطرق السلمية. فتشابك المحلي والإقليمي والدولي والعالمي, ومعادلة السلب والإيجاب والتناقض بينهما تجعل من السلام إشكالية تتطلب جهداً في ترسيخ قيم معينة يتم تثبيتها لتشكل واقعاً يمكن للسلام أن يستقر فيه، ومن هنا كانت أهمية العمل على بناء ثقافة للسلام تعمل كأرضية صالحة لتحقيق هذا المفهوم، مما يتطلب تعزيز القيم المساندة للسلام، كالتسامح، والتضامن، والعدل، الحرية، نبذ العنف، احترام كرامة الإنسان وحقوقه، واحترام الآخر في اختلافه، فهذه مجموعة قيم إنسانية مشتركة من شأنها أن تشكل قاعدة لتأسيس السلام ومرتكزاً قوياً لبنائه، إذ لا يمكن للسلام كقيمة أن ينشأ ويترسخ في سياق واقع يدفع إلى التعامل وفق قيم مناقضة.

ان لبناء ثقافة للسلام أهمية كبيرة تعمل على جعل السلام جزءاً من بناء الفرد /الانسان فكريا وثقافيا وسلوكيا، وثمة ملاحظات مهمة على مفهوم السلام الحالي:

أولاً : هو تغير النظرة والفكرة للسلام، ففي الماضي كان السلام يعني مجموعة من الاستراتيجيات والآليات اللاحقة للصراع أو الحرب، أي تهدئة الأوضاع وحل الصراعات ووقف الحروب ومعالجة آثارها لمنع قيامها من جديد، أما في الفترة الأخيرة من حوالي نهاية القرن العشرين فإن التفكير في السلام والنظر إليه أصبح يأخذ - معنى استباقي - إذ أن الجهود بدأت مركزة على كيفية فاعلية منعنا لقيام صراعات مستقبلية كتلك القائمة حالياً، هذا بالإضافة إلى جهود حل الصراعات القائمة، فالملاحظ ايلاء أهمية كبيرة على هذا المعنى الاستباقي، والعمل على استنباط العوامل التي يمكن ان تكون سبباً لصراعات حديدة واكتشاف عوامل مخفية كانت سبباً في حدوث الصراعات القائمة , مما يوصل إلى أن أسباب العنف وانتشاره في الوقت الحالي يعود لعوامل تتعلق اساسا بالتنشئة الاجتماعية المتفاعلة مع معطيات داخلية اقتصادية، دينية، وسياسية، تسببت في إحداث العنف الحالي. ومن هنا كان أهمية نشر ثقافة للسلام تمكن المجتمعات من تنشئة جيل يدعم السلام وينبذ العنف.

ثانيا: أن رؤية السلام بدت جزئية أكثر منها كلية فقد تم التركيز بشكل أكبر على الفرد مقابل المجتمع وعلى الدولة مقابل دول وعلى العوامل والروابط التي تربط إقليم بعينه مقابل العالم ككل. فتم النظر الى الفرد وتنشئته الاجتماعية وانتماءاته الدينية والطائفية والسياسية، مع التركيز على بناء الهوية والانتماء والولاء في المجتمع، والروابط الفكرية والثقافية التاريخية بين المجتمعات المختلفة والتي من شأنها أن تدعم السلام أو تقوضه، بحيث سلكت الرؤى منحنى داخلي أو لنقل محلي خلافاً للرؤى السابقة السلام ذات المنحنى الدولي.

ثالثا: تطور الوعي الفكري من قبل الساسة والمفكرين والمثقفين على حد سواء بأن مسئولية إحلال السلام لا تقع على الجيل الحاضر فقط وإنماء المسئولية الأكبر هي في حمالة الأجيال القادمة من ويل صراعات وحروب وترسبات ماضية تهدد مستقبلهم ومعيشتهم.

رابعا: هو اتساع مفهوم السلام وشموليته واتصاله بكل مجال من مجالات الحياة لدرجة يتطلب فيها جهود جميع الجهات لتحقيقه. حكومية وغير حكومية محلية وإقليمية ودولية. وهذا عائد لتعقد طبيعة الصراعات الحالية وتشابكها وعجز الجهات المحلية عن حلها.

معوقات السلام :

ولان عوامل تدعيم السلام عديدة فإن معوقاته عديدة كذلك ,ويمكن ان تصبح عوامل تدعيمه عائقاً لإحلاله إذا ما استخدمت لغرض الصراع والعنف، فالعنصرية والاعتقاد بتفوق جنس معين عن بقية الأجناس أو حضارة عن الأخرى، يمثل عائقاً للسلام، والاختلافات الثقافية يمكنها أن تكون عائقاً لسلام إذا ما كانت سبباً في سوء الفهم والشك كذلك القومية أو التعصب القومي وارتباطه بالسيادة، هذا إلى جانب الظروف الاقتصادية والاعتقاد بأن الحروب وسيلة لحل المشاكل، والاختلافات الطائفية والدينية تعد من أقوى أسباب الصراعات الأهلية والدولية إذا وجدت الظروف الموضوعية المساندة. فالتفكير المحدود لأفكار السلام يعد سبباً لإعاقته.

بناء السلام سورياً وتعزيزه

ورد في المادة 3 من القرارين اللذين اعتمدتها الجمعية العامة [دون الإحالة إلى لجنة رئيسية (A / 53 / L.79)] 53/243. الإعلان وبرنامج العمل بشأن ثقافة السلام , ما يلي :

يرتبط التطور الكامل لثقافة السلام بشكل متكامل بما يلي:

أ‌- تعزيز التسوية السلمية للنزاعات والاحترام المتبادل والتفاهم والتعاون على الصعيد الدولي؛

ب‌- الامتثال للالتزامات الدولية بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي؛

ت‌- تعزيز الديمقراطية والتنمية والاحترام العالمي لجميع حقوق الإنسان ومراعاتها والحريات الأساسية

ث‌- تمكين الناس على جميع المستويات من تنمية مهارات الحوار والتفاوض وبناء توافق الآراء وحل الخلافات بالوسائل السلمية

ج‌- تعزيز المؤسسات الديمقراطية وكفالة المشاركة الكاملة في عملية التنمية ؛

ح‌- القضاء على الفقر والأمية والحد من أوجه عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها ؛

خ‌- تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة ؛

د‌- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من خلال تمكينها ومساواتها التمثيل على جميع مستويات صنع القرارات ؛

ذ‌- ضمان احترام حقوق الأطفال وتعزيزها وحمايتها ؛

ر‌- ضمان التدفق الحر للمعلومات على جميع المستويات وتعزيز الوصول إليها ؛

ز‌- زيادة الشفافية والمساءلة في الإدارة ؛

س‌- القضاء على جميع أشكال العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب؛

ش‌- تعزيز التفاهم والتسامح والتضامن بين جميع الحضارات والشعوب والثقافات ، بما في ذلك نحو الأقليات العرقية والدينية واللغوية.

الإعمال الكامل لحق جميع الشعوب ، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في ظل الاستعمار أو غيره من أشكال الهيمنة الأجنبية أو الاحتلال الأجنبي ، لتقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻬﻮد اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ، وكذلك ﻓﻲ اﻹﻋﻼن بشأن منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الواردة في الجمعية العامة والقرار 1514 (د - 15) المؤرخ 14 كانون الأول / ديسمبر 1960

شهدت سوريا احداثا كارثية منذ عام 2011 اختلفت الآراء حولها ولكنها مازالت تحمل آثاراً من عدم الاستقرار، ونتائج الاحداث لن تتوقف في المدى القريب، بالرغم من ضرورات وجود محالات للإصلاح وخلق قيادات شبابية قادرة على تولى مناصب ومسئوليات الحكم فيما بعد.

والانعكاسات السلبية على التماسك المجتمعي ربما ستستمر اذا كان هنالك سوء في إدارة مرحلة ما بعد الحرب، واذا لم يرمم افتقاد المجتمع السوري بصفة عامة لتقاليد ثقافة الديمقراطية وتقبل الآخر، وثقافة إدارة الاختلاف، ولابد لنا من الإشارة الى مفهوم بناء السلام واليات تعزيزه, كمقدمات ضرورية لإدارة مرحلة ما بعد الحرب او ما يسمى بإعادة الاعمار.

مفهوم بناء السلام

على الرغم من بداية ممارسة مفهوم "بناء السلام وإجراءات بناء السلام الداخلي" في سبعينيات القرن الماضي إلا انه تبلور بصورة واضحة في بداية تسعينيات هذا القرن مع صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك الدكتور/ بطرس بطرس غالي بعنوان "أجندة السلام" "Agenda for Peace" في يونيو 1992. ووفقاً لهذا التقرير فإن بناء السلام هو " مجموعة الإجراءات التي تُمارس بعد انتهاء الصراع، بهدف مواجهة الصراعات الداخلية، والحيلولة دون تجددها." ومن ثم فإن عملية بناء السلام بعد انتهاء الحرب تتضمن مجموعة من الإجراءات:

· استعادة الدولة النظام

· نزع أسلحة الأطراف المتحاربة

· إزالة الألغام حال وجودها

· إعادة توطين اللاجئين

· إعادة بناء القوات الشرطية وتدريبها

· إعادة بناء قوات الجيش

· إصلاح المؤسسات الحكومية على أسس ديمقراطية

· تعزيز الديمقراطية

ويتضح من هذا التعريف أن الأمين العام للأمم المتحدة كان يقصد بناء السلام في المجتمعات التي شهدت حروباً أهلية.

وترتبط منظومة بناء السلام بمجموعة من المفاهيم الأخرى، مثل: الدبلوماسية الوقائية وصنع السلام وحفظ السلام وفرض السلام:

الدبلوماسية الوقائية: هي: "مجموعة الإجراءات السلمية التي تهدف منذ البداية لمنع نشوب النزاعات والصراعات داخل الدولة، ومنع تصاعد حدة الخلافات القائمة وتحولها إلى صراعات مسلحة أو حرب أهلية، وكذلك العمل على منع انتشار الصراعات في حال تصاعدها"

صنع السلام: هو "الجهود والعمليات التي تتضمن أي عمل يهدف إلى دفع الأطراف المتصارعة (المتحاربة) للتوصل إلى اتفاق سلام". وتتضمن عملية صنع السلام مرحلتين أساسيتين هما:

v تتم المرحلة الأولى عقب تعثر الدبلوماسية الوقائية وقبل تدخل قوات حفظ السلام من خلال تفعيل الجهود السلمية لإيقاف الصراع أو تحييده.

v أما المرحلة الثانية؛ فتبدأ عقب تدخل قوات حفظ السلام، بغرض التوصل إلى تسوية سلمية مستدامة.

حفظ السلام: هو أكثر المفاهيم شيوعاً في الاستخدام وهى تعبر عن "التدابير المؤقتة التي يمتلك مجلس الأمن اتخاذها دون أن يحسم الخلاف بين الأطراف المتنازعة آو يخل بحقوق المتنازعين أو يؤثر على مطالبهم وذلك على النحو الذي أقرته المادة "40" من ميثاق الأمم المتحدة"

فرض السلام: هو "التطرق لاستخدام القوة المسلحة أو التهديد باستخدامها لإرغام الأطراف المعنية بأهمية الامتثال للقرارات والعقوبات المفروضة من اجل الحفاظ أو استعادة النظام والأمن والسلام في الدولة مرة أخرى.

مستويات عملية بناء السلام

تهدف ثقافة السلام داخل الدولة إلى أن يتمتع كافة المواطنين بحقوق المواطنة في إطار حقوق الإنسان المكفولة للجميع من خلال عدم التمييز بينهم بسبب اختلاف العقيدة أو العرق أو النوع، ومن خلال الحفاظ على تنفيذ سياسات وبرامج التنمية المستدامة بهدف تحقيق تقدم ايجابي ملموس ومطرد فيما يتعلق برفع مستوي المعيشة لكل الفئات بشكل متوازن، وهو ما يؤدي إلى أن تسود حالة من السلام الاجتماعي يساعد على استقرار وتقدم الدولة.

وفي هذا الإطار تقوم عملية بناء السلام الداخلي على قسمين هما:

الأول: بناء السلام الداخلي عبر الجهود الوطنية:

v يتطلب هذا الأمر وصول الدولة إلى مستوى مناسب من التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحفاظ على حقوق الإنسان والعمل على اختفاء كل أنواع التمييز بين المواطنين، وتوجيه المصادر إلى التنمية الشاملة بدلا من التوسع في القدرات العسكرية. ومن هنا تكون الدولة مهيأة لبناء السلام وإنهاء النزاعات. ولم يكن هذا الأمر مختص فقط بالجهود المحلية بل من الممكن أن يساهم فيه المجتمع الدولي ممثلاً في مؤسسات الأمم المتحدة المختلفة التي تعمل في المجالات الاقتصادية والإنسانية والسياسية والاجتماعية والثقافية. هذا إلى جانب دور المنظمات الإقليمية.

الثاني: بناء السلام داخل الدولة بالدعم الدولي:

v حيث تقوم الأمم المتحدة بدور رئيسي في بناء السلام ودعمه في المناطق المهيأة للاضطرابات الوطنية وانهيار النظم السياسية سواء كان ذلك من خلال مساندة الجهود الوطنية بتقديم المساعدات والمنح الاقتصادية أو المساعدات الإنسانية، والتدخل من أجل تحقيق العدالة الإنسانية، ومراقبة إجراء الانتخابات لضمان تحقيق الديمقراطية، وذلك في مرحلة ما قبل الصراعات بهدف الوصول إلى دولة مستقرة قائمة على المؤسسات، وبالتالي تستطيع هذه الدولة أن تلعب دوراً في تحقيق السلام سواء الإقليمي أو العالمي وتجنب الصراع أو الصدام.

عملية بناء السلام: الإجراءات والآليات

وتتم عملية بناء السلام عبر العديد من الإجراءات والآليات وفقاً لما جاء في الأمم المتحدة وكذلك الفاعلين المحليين أي أن العملية لم تكن مقتصرة فقط على العامل الدولي وان كان العامل الدولي هنا متمثل في منظمة الأمم المتحدة والوكالات وأجهزتها المتخصصة في دعم هذه العملية ومساعدة الأطراف المحليين في تحقيق هذا الأمر حيث أن الأمم المتحدة تهدف من خلال بلورة هذا المفهوم إلى مساعدة الدولة المعنية على استعادة قدرة مؤسساتها في حفظ النظام العام وإرساء الأمن، وتعزيز حكم القانون واحترام حقوق الإنسان، ودعم المؤسسات الشرعية في الدولة، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي من خلال العمل على عودة اللاجئين والنازحين عقب انتهاء الحرب الأهلية وإعادة توطينهم، كذلك إرساء الأسس اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق النمو الاقتصادي.

تضمن الأمم المتحدة تطوير أجهزتها لتطبيق مفهوم بناء السلام وقد طورت الأمم المتحدة عدة أجهزة خاصة ببناء السلام مثل لجنة بناء السلام والتي أنشئت من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة بشكل مشترك لكن بقرارين منفصلين هما قرار مجل الأمن S/RES/1645(2005) وقرار الجمعية العامة A/RES/60/180(2005) وهذه اللجنة تختص بتقديم توصيات بصفتها جهازا ذو طبيعة استشارية والتي تقوم بتقديم اقتراح استراتيجيات متكاملة لبناء السلام عقب انتهاء الحرب الأهلية والصراع الداخلي، المساعدة على ضمان تمويل يمكن الاعتماد عليه في المدي الطويل والمتوسط، فضلاً عن تطوير أفضل الممارسات للموضوعات التي تتطلب مشاورات مكثفة وتعاوناً بين الأطراف السياسية والأمنية والإنسانية والتنموية.

وتشمل إجراءات بناء السلام:

• إجراءات أمنية تشمل:

§ نزع السلاح

§ إعادة الإدماج

§ إدارة مشكلة الألغام

§ إصلاح المنظومة الدفاعية

§ إصلاح قوات الشرطة.

• إجراءات قضائية تتضمن:

§ إصلاح النظام القضائي

§ تدعيم القانون

§ تحقيق المصالحة الوطنية.

• إجراءات سياسية تشمل:

§ دعم عملية التحول الديمقراطي

§ تطوير أنظمة المعلومات والإعلام.

• إجراءات إنسانية تشمل:

§ توفير مساعدات الإغاثة الإنسانية

§ إعادة تدامج وتوطين اللاجئين

§ إعادة إعمار البنية الأساسية

§ دعم النمو الاقتصادي

آليات بناء السلم وتعزيز التماسك الداخلي في سوريا

1ـ بناء الثقة

من خلال:

تحييد وسائل الإعلام وخاصة المرئية.

تجديد الخطاب الإعلامي وعدم التخوين لأي تيار معارض للحكومة والنظام، وكذلك الصحف.

تقليل الخطاب الإعلامي المحرض والعدواني.

§ منع النشر في القضايا التي لم يتم البت فيها.

عدم إلصاق التهم بتيار بعينه دون التحقيق في الأمر.

تفعيل أجهزة الدولة التي تستمع إلى آراء المواطنين ومشاكلهم وتقيمهم لأداء الحكومة مما يخلق نوعاً من الثقة ويُفضل مناقشة المسئولين تقييم المواطنين لأداء الحكومة كل ثلاثة شهور مما يخلق نوعا من الثقة بين الطرفين. وتُعد هذه الخطوة من أهم الخطوات التي يجب أن يتخذها النظام فعندما تكون هناك ثقة وشفافية في تداول المعلومات وإزالة الغموض إزاء كثير من الأمور مما يخلق نوعا من الصدق بين الطرفين.

2ـ إنشاء لجنة تقصي الحقائق:

من الأهمية التحقيق في الجرائم التي تم ارتكابها منذ عام 2011حتى الآن، وتأسيس لجنة يتم تشكليها من شخصيات مدافعة عن حقوق الانسان وقضاة وشخصيات محققة مشهود عنها النزاهة وتعمل بصورة مستقلة عن النظام والحكومة وذلك تحت رقابة من الأمم المتحدة التي يكون دورها استشارياً وداعما لهذه اللجنة. ومن الأهمية أن يتم التحقيق بعيداً عن الأضواء الإعلامية لضمان عدم التأثير عليها وعلى إجراء التحقيقات اللازمة.

3ـ نزع السلاح

قد يتطلب مزيداً من الوقت ولكنه أيضاً يتطلب مزيدا من الذكاء والحنكة في التعامل مع مثل هذا الأمر الحساس إذ يتطلب جلوس قيادات الأطراف معاً بواسطة طرف محايد كالأمم المتحدة لتسهيل عملية الحوار بين الطرفين وتقديم مزيداً من الاستشارات في هذا الإطار بحكم خبرتها وتجاربها السابقة في دول أخري.

كما انه لابد من استخدامه سياسة العصا والجزرة في هذا الإطار من خلال تقديم الدولة مزيدا من الحوافز لأولئك الذين يقومون بتسليم الأسلحة وتغليظ العقوبة على من يمتلكها دون رخصة ولم يسلمها وهذه الخطوة تحتاج مزيدا من الدراسة

4ـ تشكيل لجنة المصارحة والحقيقة:

وهذه اللجنة تعتبر من الخطوات الهامة التي لابد من اتخاذها في الدولة لأنها ستخفف مزيدا من الاحتقان بين أفراد الشعب السوري وجميع تياراته السياسية وإعادة إدماج تلك التيارات السلمية في الحياة السياسية والتعبير عن معارضتهم عبر قنوات شرعية سياسية وكذلك المشاركة في الحياة السياسية.

وقد كان لهذه اللجنة دوراً كبيراً في جنوب أفريقيا وتجاوز فترة الحرب الأهلية، وقد كان هناك دور لمنظمات المجتمع المدني المحلية في هذا الأمر من خلال تزويد الأجهزة الحكومية بالمعلومات ومساعدتها في الإشراف على تنفيذ القوانين وسبل نزع السلاح.

5ـ إصلاح جهاز الشرطة:

6ـ إجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة

7ـ التنمية الشاملة

وهنا يُقصد محاربة الدولة للفساد المنتشر في الجهاز الإداري بالدولة والأجهزة الحكومية حيث أن الفساد من أهم التحديات التي تواجهها الدولة السورية منذ زمن بعيد وقد ازداد هذه الفترة أو تم كشف النقاب عنه ومن الأهمية مواجهته ومحاربته لعدم إهدار موارد الدولة وتقليل نسب البطالة من خلال تنشيط حركة الاستثمارات الأجنبية والحث على المشروعات الإنتاجية وليست الاستهلاكية، ومحاولة التخفيف من الأعباء على المواطنين عبر الاستفادة من سياسات ضريبية حسب الشرائح المالية.

هذا فضلا عن تشجيع الشباب علي القيادة وخلق قيادات شبابية قادرة على قيادة البلاد والمشاركة في الحياة العامة وذلك عبر البرامج والدورات التدريبية ونشاط المجتمع المدني ورفع الوعي لدي المجتمع من خلال دور المجتمع المدني. وتحسين السياسات التعليمية لتخفيض نسبة الأمية في المجتمع والتشجيع على التعليم ورفع كفاءة وجودة التعليم.

خلاصة:

تعتمد عملية تطبيق هذه الإجراءات على قبول الحكومة مثل هذه الاقتراحات وكذلك الأطراف الأخرى وإقناع الأطراف الأخرى بأهمية تسليم السلاح مقابل إعادة الإدماج في الحياة العامة والسياسية. وكذلك تدخل أطراف دولية تقوم بدور استشاري ورقابي للتنفيذ مثل الأمم المتحدة كأهم المنظمات الدولية التي قامت ببلورة مفهوم بناء السلام.

ومن الأهمية اتخاذ هذه الخطوات مبكراً قبيل تدهور الأوضاع في المجتمع وحدوث مزيداً من الانقسام في نسيج المجتمع السوري والذي قد يؤدي تطوره إلى صراع داخلي مما يؤثر على استقرار الدولة وتهديد أمنها القومي خاصة في ظل الظروف الدولية والإقليمية التي تمر بها المنطقة من انتشار التيارات المتطرفة والمسلحة ومحاربة الإرهاب.

دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة ‌الإرهاب

يمثل الإرهاب تهديدا خطيرا على امن وحياة البشر وحضارتهم , لأنه غير منضبط بقانون او قيم او اخلاق, يتسم بالعنف والاستخدام غير المشروع للقوة والبطش, وهو جريمة اعتداء مباشر على منظومة حقوق الإنسان, وفي مقدمتها الحق في الحياة لما ينطوي عليه الإرهاب من قتل عشوائي , وكذلك الاعتداء على الحق في سلامة الجسد وحرية الرأي والتعبير معا بما ينطوي عليه الإرهاب من إشاعة الخوف والرعب ,إضافة الى أن الإرهاب يكتسح العديد من الحقوق والحريات الأخرى كالحق في التملك والتنقل والسكن والثقافة والتعليم وغيرها من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

وفي الزمن المعاصر تطور وانتقل مفهوم الارهاب من المجال الاجتماعي والسياسي ليشمل مجالات حديثة مثل: الفكرية والتكنولوجية والعلمية والثقافية، ودون الاقتصار على العنف المادي الملموس بل على الجانب المعنوي والفكري، واستفاد الإرهاب من: التطور التكنولوجي والإعلامي والتطور الذي طرأ على صناعة الأسلحة والذخيرة ووسائل التفجير، في تطوير الوسائل التي يستخدمها عند مزاولته لنشاطه، كما ظهرت جرائم مستحدثة عرفت بجرائم الحاسوب والانترنت.

أن الممارسات الإرهابية - أياً كانت صورتها - تتعارض مع القوانين الداخلية ومبادئ وأحكام القانون الدولي، فهي من ناحية تهدد النظام الداخلي وتزعزع استقراره ومن ناحية أخرى تنطوي على خرق للنظام الدولي ومساس بالصالح العام للمجتمع الدولي، وهذا أيضاً هو شأن الجريمة الدولية التي تحدث هذا الأثر على المستويين الدولي والوطني، والأبعاد التي اتخذها الإرهاب حديثاً – وخاصة الدولية - تزيد من تقاربه مع الجريمة الدولية، فقد أصبح الإرهاب الدولي هو الصورة الغالبة للممارسات الإرهابية، كما أصبح يمثل حرباً غير معلنة تلجأ إليه الدول على اختلاف أشكالها وأيديولوجياتها كوسيلة بديلة للصراع أقل تكلفة من الحرب التقليدية.

واستنادا للقانون الدولي، يعد الإرهاب جريمة دولية كونه يتسبب في المساس بحقٍ أساسي وجوهري من حقوق الإنسان، فالجريمة التي ترتكب بحق الإنسانية في القانون الدولي هـي الجرائم التي تتمثل في انتهاك حقوق الإنسان، والتي تعرف اليوم بحقوق الجيل الأول، الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966م، لآنها حقوق أساسية لا يمكن التـنازل عنها ولا يسمح بالانتقاص من قدرها.

بناء على ما سبق, بالضرورة تصبح مسؤولية مكافحة الارهاب, مسؤولية جماعية لا تقتصر على الأنظمة وإنما تشمل مختلف فعاليات المجتمع، التي يتطلب منها العمل الجاد والمضنى في إطار بوتقة واحدة هدفها الأول والأخير القضاء على هذه الجريمة الفتاكة، أو على الأقل الحد من تداعياتها وتأثيراتها السلبية.

ان منظمات المجتمع المدني تقوم بأدوار هامة في شتى مجالات الحياة وخصوصا ذات الصلة بأمور الوطن والمواطنة والمصلحة الوطنية، فهي تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار واجواء التسامح والسلم الاهلي في المجتمع, فهي تنشط في المجتمع وتناضل من اجل تثبيت المناخات الآمنة, حيث يزدهر نشاطها وفعالياتها بسيادة واستمرارية الأمن والأمان, وهذا ما يفترض تعزيز كافة الجهود الحكومية وغير الحكومية في مكافحة الإرهاب ,وذلك من خلال وجود منظمات مجتمع مدني تمتلك استراتيجيات واضحة وبرامج منتظمة تهتم بمحاربة الإرهاب والفكر المتطرف, وتعزز الوعي الكافي في اوساط المجتمع إزاء مختلف القضايا وعلى رأسها الحفاظ على السلم الاجتماعي ومكافحة التطرف والارهاب,على ان تشارك في هذه البرامج كل الفعاليات المجتمعية في جميع المناطق والمدن والارياف.

دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة ‌الإرهاب وفق المواثيق الدولية

ان المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية السورية المنتجة لهذا التقرير الخاص ، وكونها في طليعة العمل الحقوقي والمدني في سورية ورائدة تاريخيا في الدفاع عن حقوق المواطنة وحقوق جميع المواطنين السوريين، ومنذ سنوات طويلة ونحن نحاول بالقيام بمختلف الأدوار والمحاولات التي كانت يمكن ان تساهم فی الحيلولة‌ دون وقوع الصراعات العنفية الداخلية التي حدثت في بلادنا ، کما اننا حاولنا ان نقوم بعدة سلوكيات ومحاولات اساسية في مكافحة ‌الإرهاب ومناهضة مختلف دعواته وفضح جميع اساليبه ومموليه وثقافته, مستندين الى مرجعيتنا في مختلف الوثائق الدولية والإقليمية والمحلية التي تحض وتؤكد‌ علی أهمية‌ ودور منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ‌في ‌مواجهة ‌التحديات الإرهابية ‌المعقدة ‌والمتعددة ‌الأبعاد , ولابد من الإشارة هنا الى بعضها:

1. عام 2001 في بوخارست قدمت منظمة الأمن والتعاون الأوربي مشروعا لمواجهة الإرهاب وقد کلفت تنفيذ ذلك مباشرة إلی « مؤسسة الديمقراطية ومؤسسة حقوق الإنسان » من خلال إقامة‌ مؤسسات ديمقراطية ومنظمات مجتمع مدني في البلدان النامية‌ ونجد مثل هذا التأكيد علی أنشطة ‌منظمات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية‌ في برنامج دعم الجهود الشاملة‌ في مواجهة‌ الإرهاب 2001 في « بيشکك العاصمة القرغيزية » وقد اعترف بيان منظمة ‌الأمن والتعاون الأوربي 2002 حول مواجهة ‌الإرهاب بدور المجتمع المدني في البحث عن حلول سياسية‌ لفض النزاعات وإشاعة‌ حقوق الإنسان کمبدئین أساسيين في مواجهة ‌الإرهاب والأصولية التي تتبنى ‌العنف .

2. في العام 2005 عقدت اجتماعات في مدينة فيينا ,واجتماعات أخرى في مدينة‌ برشلونة أکد خلالها المجتمعون علی ‌دور المجتمع المدني والمنظمات الأهلية ‌الهام في المشاركة بمكافحة ‌الإرهاب ، ومن الضروري أن تکون المشاركة في هذه الأنشطة ذاتية ودون انتظار المقابل المادي ، وأن تنمیة المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية يرتبط بمكافحة ‌الإرهاب والظروف والحقائق السياسية القائمة في البلدان التي تقوم فيها تلك التنمية‌ ,واوضحت هذه الاجتماعات, ضرورة ان تشعر ‌المنظمات الأهلية ‌والمجتمع المدني بأن المشاکل الناتجة عن الإرهاب ترتبط بها أيضا وذلك من أجل دفعها للعب دورمؤثر في مواجهة ظاهرة الإرهاب، ويمکن للمنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني لعب دور استشاري وتعليمي هام ،فهي بإمكانها تقديم استراتيجيات وبرامج سياسية وتخصصية ‌مختلفة وعلی جميع الأصعدة‌ من أجل مواجهة‌ الإرهاب ، وهي أدوار قد تعجز الحکومات عن القيام بها ، من الأمور الهامة هنا قدرة هذه المنظمات علی دراسة قضايا الإرهاب والأمن ومواجهة ‌المسؤولين الحكوميين بالأساليب والطرق المناسبة ، ويمکن للمؤسسات المدنية والمنظمات الأهلية القيام بخطوات إيجابية في التقرب من الحكومات ، ويمکن أيضا لهذه المؤسسات لعب دور استشاري إيجابي لاستبدال برامج مواجهة ‌الإرهاب التي لم تنجح لأي سبب کان ، ومن البديهي أن يکون باستطاعة المؤسسات المدنية ‌القيام بوظائف ومهام تواصلية مهمة‌ للغاية ، وهي تستطيع تقليل المسافات وردم الهوة وتخفيف الصراعات الموجودة من خلال توفير أجواء مناسبة وآمنة لبيان المعتقدات والبحث في الخلافات والاستفادة من التجارب.

3. أصدرت الجمعية العمومية ‌لمنظمة ‌الأمم المتحدة في الثامن من سبتمبر عام 2006 قرارا يهدف إلی وضع استراتيجية لمواجهة ‌الإرهاب ، وطلبت من الدول الأعضاء في المنظمة ‌إشراك المؤسسات المدنية والمنظمات الأهلية‌(غير الحكومية‌) أکثر من قبل وترغيبها وحثها علی العمل في هذا المجال.

4. تم إقرار الاستراتيجية العالمية فی‌ مواجهة ‌الإرهاب رسميا فی ‌الأمم المتحدة‌، في التاسع عشر من ايلول عام 2006 ، هذا المشروع الذي شکل اقتراح الامين العام السابق ( کوفي عنان ) الجزء الأكبر منه ، وکان کوفي عنان قد قدم في نيسان من العام 2006 تقريرا بعنوان «الاتحاد في مواجهة‌ الإرهاب » اقترح فيه بعض النقاط والأفكار لمواجهة‌ الإرهاب العالمي ، وفی‌ هذا التقرير أعطي للمجتمع المدني دورا حياتيا وبارزا في الترويج والدعاية‌ للاستراتيجية العالمية‌ في مواجهة ‌الإرهاب

5. في أعوام 2006-2007-2008-2009-2010-2011-2012014-2015 -2017 قمنا بنشر عدة تقارير وعدة بيانات لمنظمات حقوقية وهيئات مدنية سورية , تبين بشكل واضح موقفنا الحقوقي والمبدئي من الإرهاب وممارساته الفكرية وغير الفكرية ومن داعميه المحليين والاقليمين والدوليين.

ان المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية السورية المنتجة لهذا التقرير الخاص ، تتقدم ببعض المقترحات والحلول, كما هو آتي:

1) من المهم استمرار الهيئات المدنية والحقوقية بإدانة‌ جميع أنواع العنف ضد المدنيين مهما کانت أسبابه ودواعيه وأيا يكن مرتكبيه، وعبر استخدام أسلوب الرسائل المفتوحة والبيانات والخطابات الموجهة ‌إلی جميع الاطراف المتصارعة ‌بحيث تحتوي هذه الرسائل إدانة للأساليب الإرهابية‌ و تأکیدا علی الاتجاهات والمسائل الأخلاقية‌ والقوانين الدولية والانسانية لأنها تشمل في أحكامها طرفي المعادلة: منفذوا الأعمال الإرهابية‌ وضحاياها علی حد سواء.

2) الدور الذي يمکن أن تلعبه الهيئات المدنية والحقوقية في التعامل مع وسائل الإعلام وتوجيه الرأي العام إزاء ظاهرة‌ الإرهاب ، فالعلاقة التشاركية مع وسائل الإعلام تعد مسألة ضرورية وتبادلية ما بين الاعلام والهيئات المدنية والحقوقية ،من أجل توفير معلومات دقيقة تتطابق مع الواقع والاشارة الى التصورات السلبية والمشوهة وطرحها امام ابناء المجتمع، وكذلك من أجل الترويج لقيم الحوار والتسامح والسلم الاهلي والسلام المجتمعي وحقوق الإنسان داخل المجتمع واهمية ذلك في مواجهة الإرهاب والحيلولة دون إثارة العصبيات والتصورات التقليدية.

3) من المهم جدا التعاون مع مختلف الهيئات المدنية والحقوقية من اجل بناء التقارير والبحوث والدراسات والكراسات والإعلانات واليافطات ,والتي تدور حول الإرهاب ، والعنف السياسي والظروف التي تساعد على تنمية ونمو الإرهاب ، مما يمكن من تشكيل مجموعة ‌قيمة من الأبحاث واستطلاعات الرأي حول العوامل التي تجعل الأشخاص يدعمون الأفكار والأيدولوجيات الأصولية ‌أو التي تدفع بهم نحو ممارسة ‌العنف ,وتأثير إجراءات مكافحة الإرهاب وتداعياتها

4) یمکن للمجتمع المدني والمنظمات الأهلية القيام بدور قانوني مهم للغاية فیما یتعلق بالمجالات القانونية المرتبطة بالإرهاب ومواجهته ، ومنها : تقوية الأطر القانونية الدولية والمحلية للأنشطة المتعلقة بمواجهة الإرهاب ,خاصة عندما یتم تنفيذ هذه القوانین ویرتبط الأمر بحمایة حقوق الإنسان.

5) نشر ثقافة العدالة والقانون والحقوق المدنية والسعي الجدي لتكريس سيادة القانون والمساواة والعدالة لممارسة الحقوق المدنية في المجتمع، والعمل من أجل التفعيل الحقيقي لمفهوم المواطنة على أساس المشاركة الواسعة في العملية لسياسية.

6) على المؤسسات التربوية وأفراد مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الدينية وعلماء المسلمين وخاصة المرجعيات الدينية العليا، التحرك السريع إلى مكافحة كل ما يثير الفتن الداخلية ووضع الحلول العملية لعدم تكرار الجرائم.

7) نحن لا نشك أن هناك جهات اقليمية ودولية لها مصالح في إلقاء الفوضى وعدم الاستقرار في سورية ولهذا نناشد دول الجوار والدول الإسلامية ودول العالم اجمع بأن يعلنوا صراحة عن موقفهم تجاه هذه الجرائم ويسموا الأشياء بأسمائها، وان يعملوا بشكل جاد ودون أي تحيز الا للحل السياسي السلمي، ومن اجل الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والقتل ونزيف الدم في الشوارع السورية، آيا كانت مصادر هذا العنف وتشريعاته وآيا كانت أشكاله دعمه ومبرراته.

8) ترويج وتكريس ثقافة المواطنة والديمقراطية وتفعيلهما ونشر وتعزيز ثقافة حقوق الانسان والتعرف على الحقوق والواجبات وعلاقة الحاكم والمحكوم، وبما يساهم فعليا بوحدة المجتمع وصيانته وتقدمه.

9) الحرص الكبير على كرامة المواطن وحريته إذا شعر بأن كرامته محظية بالاحترام، يكون ذلك سبباً في ولائه إلى وطنه ويعمق إحساسه بالانتماء إليه.

10) تعزيز دور المرأة في المجتمع والأيمان المطلق في المشاركة السياسية لها في المجتمع، وذلك من خلال ممارستها لحقها الطبيعي ومساواتها الإنسانية.

11) المطالبة بتعديل الوضع الاقتصادي للمواطن من خلال توزيع عادل للثروة، وخلق فرص عمل مناسبة تلائم أمكانية الفرد الفكرية والبدنية.

12) وكون القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية وديمقراطية بامتياز، ينبغي دعم الجهود الرامية من أجل إيجاد حل ديمقراطي وعادل على أساس الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، ورفع الظلم عن كاهله، وإلغاء كافة السياسات التمييزية ونتائجها، والتعويض على المتضررين ضمن إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباٍ، بما يسري بالضرورة على جميع المكونات السورية والتي عانت من سياسيات تمييزية متفاوتة.

13) دعم الخطط والمشاريع التي تهدف الى إدارة مرحلة ما بعد الحرب وبناء السلام ومن اجل تعزيزه, وتخصيص موارد لدعم مشاريع إعادة الأعمار والتنمية والتكثيف من مشاريع ورشات التدريب التي تهدف الى تدريب القادة السياسيين السورين على العملية الديمقراطية وممارستها ومساعدتهم في إدراج مفاهيم ومبادئ حقوق الانسان والمصالحة الوطنية في الحياة السياسية في سوريا المستقبل على أساس الوحدة الوطنية وعدم التمييز بين السوريين لأسباب دينية او طائفية او قومية او بسبب الجنس واللون او لأي سبب اخر وبالتالي ضمان حقوق المكونات وإلغاء كافة السياسات التميزية بحقها وإزالة أثارها ونتائجها وضمان مشاركتها السياسية بشكل متساو

التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني في نشاطاتها لمكافحة الإرهاب:

ان التحديات ناتجة عن وضعيتها التاريخية، لكننا سنشير الى التحديات في هذه المرحلة التاريخية الحرجة ومنها:

i. عجز هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في ايجاد الكيفيات والاليات الضرورية الهامة للدخول بحوار مع الأشخاص أو الجماعات المرتبطة والممارسة للعنف والإرهاب، والذي سيكون أسهل بکثير من دخول الحكومات والدول فيه، حيث ان هذه الحوارات لا تعطي الجماعات التي تمارس العنف أي نوع من الشرعية أوالتبریر

ii. عقبة تكوينية مرتبطة بما سبق, من حيث ان الدعوات المتواصلة من هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لمنع الاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية وايقاف التعذيب, والتي لم تجد صدى لدى الاجهزة الحكومية السورية تاريخيا, مما خلق شکوکا أساسية بشأن جهود الدعم والدفاع والتأييد التي تقوم بها المنظمات غیر الحکومیة ,ووضعها امام تحدیات کبیرة لاستمرار نشاطاتها واختبار مدى مصداقياتها وفعاليتها امام المجتمع وامام المنظمات التي تمارس العنف والارهاب ,وراهنيه التساؤلات حول المبادئ والموازين والفعالية والتشكيك.

iii. إن سياسات مواجهة الإرهاب ترکت تأثيرات سلبية علی مفهوم الاختلاف في العقيدة كمفهوم ديمقراطي وحرية الراي والاعتقاد، وقد أثرت هذه السياسات بشکل خاص علی أداء المنظمات الحقوقية والاهلية ووسائل الإعلام العامة، بما صعب من عمل هذه المؤسسات وتعاملها مع الحكومات والتجمعات المحلیة.

iv. ومن التحديات الأخری, هو القلق من مسألة کون المؤسسات المدنية والمنظمات الحقوقية تشکل عائقا أمام الاجهزة الحكومية, في مواجهة ظاهرة الإرهاب ،وخاصة عبر المطالبة, في مثل هذه الظروف,تحقیق احترام حقوق الإنسان ومراعاة القوانین الانسانية والدولية, باعتبارها عناصر أساسية في استراتيجية فاعلة لمواجهة الإرهاب ,کما تتهم المؤسسات المدنية بأنها تسعی لتحقيق أهداف جهات أجنبية بدل اهتمامها بالمصالح الوطنية, وما يزيد في الامر سوءا هو تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب, تحت شعار مواجهة الإرهاب ، وقد وصل هذا التعذيب أحيانا إلی تهديد سلامة حیاة بعض المدافعين عن حقوق الإنسان أيضا ، لذلك یجد هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان والمعرضون هم أيضا للخطر صعوبة في إيضاح الطرق والسبل الصحيحة لمنع استمرار العنف والارهاب.

v. أن المعوقات والتحديات التي یواجهها المجتمع المدني والمنظمات الأهلية في العمل في مكافحة الإرهاب تعود مباشرة إلی دورها الرادع والوقائي, فعلی سبیل المثال یصعب علی هذه المنظمات العمل في ظروف ومناخات لا تتوفر على حق المشاركة و التعددية السیاسیة أو ان هذه التعددية ضعيفة وهشة, هذا في حین أن عدم وجود تعددية سیاسیة یوفر الأرضية الخصبة لجذب عناصر إرهابية.

vi. بالرغم من ان بحث جذور وأسباب الإرهاب هو نتيجة لبعض البيانات والتقارير والبحوث، بأزمنة مختلفة وغير ممنهجة ولا منسقة، والتي قامت بها المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني، عبر إشاراتها الدائمة الى:

1. ضرورة تطبيق القوانین الداخلية بما يتوافق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي وقعت وصادقت عليها الحكومة السورية, والتوقف عن العمل بالآليات الاستثنائية والعمليات غیر القانونية في مكافحة الإرهاب من خلال احترام القوانین الداخلية والدولية والانسانية.

2. العمل على تعريف أصحاب القرار بطبيعة وماهية الأطر القانونية المختلفة ، ومنها القوانین الدولية الإنسانية والقوانین الدولية في مجال حقوق الإنسان والقوانین المدنية والجزائية الداخلية .

3. المطالبة الدائمة بضرورة التعددية حق المشاركة واعلاء قيم المواطنة والتسامح وتعميم وتعزيز قيم وثقافة حقوق الانسان.

4. طالبت المنظمات الحقوقية والمدنية, بضرورة الحوار الفعال مع الممارسين للإرهاب والبحث في أسباب وجذور الإرهاب والتعويض عن خسائر ضحايا العمليات الإرهابية, مما ادى الى انتشار فهما مغلوطا وخطيرا عن المنظمات الحقوقية والمدنية هو: انها تقوم بتقديم تبريرات للأعمال الإرهابية.

vii. ومن التحديات الأخری التي تضع مؤسسات المجتمع المدني أمام صعوبات التعامل مع الرأي العام وإمكانية تعبئته في مواجهة الارهاب ،هو تطبيق القوانین التي أقرت حدیثا حول الإرهاب ، هذه القوانین التي وضعت وفقا لتعاریف فضفاضة لمصطلحات مثل الإرهاب والأصولية والتي تفتح الطریق أمام استغلال القوانین, وهذا ما ترك آثارا مدمرة علی أداء الناشطين في المؤسسات المدنية والمنظمات الحقوقية خاصة الذین یرکزون في نشاطهم علی مكافحة العنف والإرهاب ، علاوة على القيود التي تم فرضها علی نشاطات المنظمات الأهلية ، في حین أن مثل هذه القیود لیست مفیدة بل ولیست قانونية أیضا ، لأنها تمنع التعبير عن الآراء السیاسیة وتجعل من أنشطة الجمعیات عرضة للاستهداف وحتی للممارسات الإرهابية, وهذا ما حدث في سورية.

viii. ومن التحديات البينة والخطرة، هذا الحجم الهائل من السجالات الکلامیة والإشاعات والتصريحات الحكومية وغير الحكومية والشعبية، بشأن الإرهاب ومواجهته، في حین أن أغلب قطاعات المجتمع تفتقد لإمكانية الحصول علی معلومات موثقة وكذلك لفهم سليم وموحد حول الإرهاب ومواجهته.


ومن هنا نجد من الضروري التأکید علی دقة وصحة خيارنا ببناء الفيدرالية السورية لحقوق الانسان, واستراتيجياتها في تقديم المعلومات الصحيحة ونشرها, مع سعينا الدؤوب لنشر قیم المواطنة والتسامح والديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل على الدفاع عنها وتعزيزها، اننا نعتبره حضورا ودورا و أمرا حیاتیا في السعي لمكافحة الإرهاب والعنف بمختلف اشكاله وتصانيفه وداعميه ومموليه ، متجنبين ورافضين لأي استغلال او استثمار سياسي او امني, حكومي او غير حكومي, داخلي او خارجي

دمشق 25\9\2018

المنظمات والهيئات المعنية في الدفاع عن حقوق الانسان في سورية، الموقعة :

1. المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سورية DAD)).

2. لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ( ل.د.ح ).

3. المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية.

4. اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (الراصد).

5. المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية.

6. منظمة حقوق الإنسان في سورية – ماف.

7. منظمة الدفاع عن معتقلي الرأي في سورية- روانكة.

8. التحالف النسوي السوري لتفعيل قرار مجلس الأمن 1325.

9. الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي.

10. التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام(SCODP)

11. المنبر السوري للمنظمات غير الحكومية (SPNGO)

12. الشبكة السورية للمدربين على حقوق الانسان.

13. الفريق الوطني السوري الخاص بالمراقبة على الانتخابات.

14. شبكة الدفاع عن المرأة في سورية (تضم 57هيئة نسوية سورية و60 شخصية نسائية مستقلة سورية).

15. الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان (وتضم91 منظمة ومركز وهيئة بداخل سورية).