معا من أجل رفع حالة الطوارئ في سورية

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

بيان إلى الرأي العام

معا من أجل رفع حالة الطوارئ في سورية

تمر من كل عام في الثامن من آذار ,ومنذ سبع وأربعين سنة ,ذكرى إعلان حالة الطوارئ في سورية, حيث تم إعلانها بموجب الأمر العسكري رقم 2 الصادر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة بتاريخ 8/3/1963...وقد شكل استمرار العمل بحالة الطوارئ بخصائصها السورية، مصدرا أساسيا  في انتهاك حقوق الإنسان والحريات العامة ، و انتهاكا مستمرا للدستور السوري، وانتهاكا مستمرا لالتزامات سورية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، من خلال تطبيق إجراءات استثنائية تصادر بها السلطات جميع الأنشطة غير الحكومية, والتدخل في حريات الأشخاص وحقهم في الاجتماع والانتقال والإقامةََ,و ذلك عبر ممارسات وإجراءات مخالفة للدستور السوري و لقانون الطوارئ نفسه .واستمر العمل بالقضاء الاستثنائي ,عبر استمرار العمل بمحكمة امن الدولة العليا الاستثنائية والمحاكم العسكرية, كما لا زال يشكل الاعتقال التعسفي المسار الأكثر وضوحا وثباتا للسلطة السورية ومحاكمة المواطنين على أرائهم الشفهية أو المكتوبة, ومع أن الحكومة السورية لم تكتف بعدم اتخاذها أي إجراء تشريعي يجعل قانون الطوارئ متطابقا مع أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, بل أطلقت تشريعات جديدة وأوامر إدارية تتعارض مع أحكام العهد الدولي والدستور السوري , مما منح المزيد من الصلاحيات للأجهزة الأمنية, وحد بشكل واضح من الضمانات القانونية والقضائية للمواطنين , وفرض مزيدا من القيود على حرية الرأي والتعبير ,كما قلص هامش المشروعية التي تتحرك في إطارها الفعاليات المدنية والحزبية والسياسية في سورية،  إضافة للوضع الاقتصادي السيئ للقسم الأعظم من المجتمع السوري, وسيادة الأمية والجهل نسبيا, ما يجعل الكثيرين ينكفئون عن المشاركة بالقضايا ذات الشأن العام, وكل ذلك يتوج باستمرارية أسلوب المركزية بالتقييد والحصار على حرية تشكيل الجمعيات والأحزاب,وعرقلة أية إصلاحات قانونية أو قضائية, ومن هنا برز تردد وشكوك جميع المواطنين في جدوى أية مشاركة سياسية, وهو ما أدى إلى الانخفاض والعزوف عن المشاركة في أنشطة الجمعيات والأحزاب السياسية والانتخابات المحلية والتشريعية والنقابية, وترافق ذلك مع  فقدان فعالية قانون الجمعيات وغياب لقانون الأحزاب, و غياب لأية ضمانات على المستويات السياسية والقانونية والنقابية والاجتماعية, مع غياب لأية ضمانات تمنع هيمنة السلطة التنفيذية على مسار العملية الانتخابية, كي تكون انتخابات حرة ونزيهة.

وقد رصدت"ل.د.ح" الكثير من التدابير والممارسات  الاستثنائية التي اتخذتها السلطات القائمة على حالة الطوارئ ,والتي عصفت بالعديد من الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص, بحيث أصبح لا فرق بين الحقوق غير القابلة للتصرف فيها والمنصوص عليها في المادة 4/2 من العهد الدولي أو الحقوق التي يجوز تقييدها في حالة الطوارئ (وفقا لمبدأ الضرورة)وما يفرضه من ضرورة وجود تناسب حقيقي بين التدابير الاستثنائية والخطر القائم فعلا. وأكدت "ل.د.ح" دوما على قلقها إزاء السلطات الممنوحة للسلطة التنفيذية  بموجب قانون الطوارئ, وعلى وجه الخصوص سلطة التصديق على الأحكام التي تصدر من محكمة امن الدولة العليا والمحاكم الاستثنائية وهذا ما اعتبرته "ل.د.ح" " إخلالا بمبادئ فصل القضاء واستقلاله, والفصل بين السلطات.

وتمر هذه الذكرى في هذا العام ,ولازالت إسرائيل تحتل أراضي الجولان السورية وأراض فلسطينية ولبنانية ,وتطورت الحالة  الإقليمية باتجاه التوتر,نتيجة التهديدات الإسرائيلية العدوانية بالحرب على سورية وعلى  لبنان وعلى الفلسطينيين ,والتي تشكل أرضية لكل الحراك الدبلوماسي والسياسي الدولي والإقليمي في المنطقة,وخاصة أن هذه التهديدات من المحتمل أن تسحب المنطقة إلى حالة الكارثة,وتجر شعوبها إلى مزيد من الويلات والدمار,وان تسخين الأجواء باتجاه الحرب سيفرض على دول المنطقة شعوبا وحكومات حالة جديدة  وخطيرة ,وترافق ذلك مع تصاعد الإجراءات والممارسات الإسرائيلية الرامية لتوسيع نطاق المستعمرات الاستيطانية ولمحاولة تهويد مدينة القدس وطمس هويتها ، في انتهاك سافر لكل الأعراف وأحكام القانون الدولي الإنساني،. مع غياب شبه تام  للمجتمع الدولي ولتحمله مسئولياته القانونية والأخلاقية في كفالة احترام ضمانات القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وتأمين الحماية للشعب الفلسطيني، ووضع حد للانتهاكات المرتكبة بحقه، بما في ذلك التصدي الحازم للتوسع الاستيطاني ومخططات ضم وتهويد القدس الشرقية.

أننا في ل.د.ح أكدنا باستمرار على ضرورة سيادة السلام وثقافة السلام في دول المنطقة وبين شعوب المنطقة,لما يمكن أن يؤثر ذلك على عمليات التنمية ,ولن يكون ذلك إلا عبر إعادة الحق إلى أصحابه وخصوصا فيما يتعلق بالجولان السوري المحتل والأراضي اللبنانية والفلسطينية  المحتلة من قبل إسرائيل,وبمساعدة  وتدخل المجتمع الدولي.

ويؤكد خطاب اللجان على مدار السنوات الماضية, على أن القضايا التي تبنتها ل.د.ح ودافعت عنها , هي  من صميم احتياجات المجتمع السوري , فحقوق الإنسان شاملة ومتكاملة بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية , وتقوم أولا وبالذات على الحقوق المدنية والسياسية أي على ضمان الأمن والطمأنينة للإنسان وهي حقوق فردية تشمل حق الإنسان في الحياة والسلامة البد نية وعدم الخضوع  للتعذيب أو لمعاملة غير إنسانية وخطر الرق والعبودية وحرية العقيدة والرأي والتعبير والاجتماع وعدم رجعية قانون العقوبات , وهذه تشكل النواة الأساسية لحقوق الإنسان التي يجدر احترامها زمن الحرب والسلم , وهي قواعد آمرة , لا يجوز الاتفاق على خلافها فهي جزء من النظام العام الدولي , وهذه الحقوق غير القابلة للمساس تعد حقوقا أساسية لعلاقتها المباشرة بالكرامة الإنسانية فهي ضرورية للإنسان ليقوم بوظائفه كإنسان , وتخصه مباشرة بوصفه مواطناً , أي مرتبطة أشد الارتباط بالمواطنة أي بحقوق المواطن ,  إذ يصبح الإنسان مواطناً قادراً على التفكير بشؤون مجتمعه والمساهمة في إدارة بلاده وتحديد مصيرها على الوجه الذي يمليه عقله ويرتضيه ضميره , وذلك في إطار نظام ديمقراطي يضمن له  ممارسة الانتخاب والترشيح ويمكنه ذلك عبر قوانين تضمن حقوق المواطنين وتحميهم من  تجاوزات السلطات الرسمية وغير الرسمية وتدفع إلى إرساء مجتمع يقوم على الحرية والعدل والمساواة أمام القانون , غير أن المواطن هو كائن حي لا يستقيم وجوده من دون التمتع إلى جانب الحقوق المدنية والسياسية بحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية, فليسس بالا مكان الفصل بين قضايا حقوق الإنسان وبين الديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية , ونؤكد كذلك على أنه لا يمكن الفصل بين بناء الديمقراطية والإعمال الكامل والفعال لحقوق وقضايا المرأة .ولذلك وبالضرورة تعمل ( ل.د.ح)  مع مختلف المنظمات غير الحكومية  للدفاع عن الوطن السوري والمواطن السوري وكرامته وحقوقه بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللغة أو اللون أو الانتماء السياسي أو الفكري.

واستنادا على ما سبق,فإننا في( ل.د.ح ) تتوجه إلى الحكومة السورية بالمطالب التالية, والتي لها تأثير ايجابي على حياة المجتمع ومواطنيه:

1. رفع حالة الطوارئ المتواصلة ,على أن يتم تقنينها ,ويكون إعلانها  محددا في الزمان والمكان لمواجهة ظروف طارئة وغير عادية تهدد البلاد أو جزءا منها وذلك بتدابير مستعجلة وطرق غير عادية في شروط محددة ولحين زوال التهديد,وعلى آلا يتم إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها

2.             إغلاق ملف الاعتقال السياسي وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين,ومعتقلي الرأي والضمير.

3.             إلغاء المحاكم الاستثنائية , وإلغاء جميع الأحكام الصادرة عنها والآثار السلبية التي ترتبت على أحكامها.

4.             إعادة الاعتبار والحقوق لكافة المعتقلين السياسيين, وإلغاء عقوبة التجريد المدني عن الجميع.

5.             العمل على إلغاء ملف المحرومين من الجنسية ,من المواطنين الأكراد السوريين.

6.             إقرار مبدأ سمو المواثيق والاتفاقيات الدولية المصادق عليها على التشريعات الوطنية، مع التنصيص على هذا المبدأ في الدستور.

7.             اتخاذ التدابير الدستورية و التشريعية و الإجرائية لإقرار القضاء كسلطة مستقلة و لتطهيره من الفساد و ضمان استقلاليته و نزاهته وكفاءته .

8.              تعديل قانون العقوبات السوري بما يتناسب مع الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب .

9.              العمل على إيجاد حلول قانونية وإدارية بما يخص الذين فقدوا واختفوا في المعتقلات السياسية والأمنية, وتصفية أمورهم الإدارية, والتعويض لعائلاتهم.ونؤكد من جديد على أهمية ما طرحته اللجان بضرورة مشاركة المنظمات غير الحكومية مع الهيئات الحكومية في إغلاق مختلف الملفات المتعلقة بالمعتقلين والمجردين.

10.          السعي باتجاه إنهاء قضية المنفيين, والسماح لهم بالعودة دون أي قيد أو شرط, مع إعلان الضمانات القانونية    بعدم التعرض لهم أو الاعتداء على حياتهم.

11.          إطلاق قانون عصري للجمعيات المدنية والحقوقية ,وقانون لحرية العمل الحزبي السياسي.وفتح باب المشاركة الواسع وفق القانون والدستور,والسماح بالتعددية الحزبية والمدنية

12.          السماح بالترخيص القانوني للمنظمات والجمعيات الحقوقية والنسوية والمدنية, مما يسمح لنا بإعادة الاعتبار للمبادرة التي طرحتها سابقا اللجان والتي تتعلق ,بضرورة العمل على تأسيس مجلس استشاري لحقوق الإنسان في سورية,مكون من شخصيات حكومية وغير حكومية معنية بحقوق الإنسان,ويكون مؤسسة وطنية سورية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

13.          إصلاح قضائي وقانوني ,وبمشاركة مختلف الخبرات القضائية والقانونية,الحكومية وغير الحكومية ,من اجل صياغة حضارية لقضاء وقانون مستقلين.

14.          إطلاق قانون للمطبوعات جديد, وقانون للإعلام بما يتناسب واتساع مجالات المشاركة وحريات التعبير.

15.         البحث عن حلول فعلية لمعالجة ظاهرة الفقر ,وظاهرة البطالة وتحمل الدولة لمسؤولياتها في هذين الملفين ,اللذين يشكلان تهديدين خطيرين على وحدة المجتمع وكينونته.

16.         إلغاء كافة اللوائح الأمنية والخاصة بالممنوعين من السفر خارج القطر أو الراغبين بالعودة إليه.

17.         ضمان حق الموقوف قانونيا ، قبل بدء التحقيق معه ، الاستعانة بمحام أثناء استجوابه في أقسام الشرطة وأجهزة الأمن الأخرى والسماح له برفع دعوة عمومية ضد الموظفين العموميين ومن في حكمهم ومنهم ضباط الشرطة..وعدم إكراهه على الاعتراف بالجرم  .وفقا للمادة(14رقم3)من العهد الدولي والمادة (67الفقرة ز)ومن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وكذلك المادة (21)من اتفاقية مناهضة التعذيب.

18. اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاربة الفساد بفعالية من خلال إعمال شعار عدم الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية المرتكبة بشأن الثروات و الأموال العامة، التي شكلت و مازالت تشكل إحدى الأسباب الأساسية لحرمان المواطنين و المواطنات من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. و تقديم مرتكبيها للعدالة. واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة التي تضمن استرجاع الدولة للأموال المنهوبة.

19.         السماح للهيئات غير الحكومية  المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان,بالقيام بزيارات لاماكن التوقيف للإطلاع على وضع الموقوفين وحالتهم دون أن يتعارض ذلك مع مجريات التحقيق.

20.         حث الحكومة السورية على اتخاذ الإجراءات والخطوات من أجل وضع خطة وطنية لتعديل المناهج التعليمية بكافة المراحل والاختصاصات بما يضمن نشر ثقافة حقوق الإنسان والتمكين من قيمها وبما يناسب كل مرحلة .

21. إنفاذ التزامات سورية الدولية بفعالية بموجب تصديقها على العهود والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان.

دمشق 8\3\2010

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا

مكتب الأمانة