والنظام يريد.. خضوع الشعب!..

أنتبه, فتح في نافذة جديدة. صيغة PDFطباعةأرسل لصديقك

والنظام يريد.. خضوع الشعب!..

بقلم: راجح الخوري

بعد سبعة أشهر على قيام الثورة يبدو "الربيع المصري" الآن، كأنه غمامة وهم وقد عبرت فضاء صحراء سياسية موحشة. وقبل أن ُيساق الرئيس المخلوع حسني مبارك الى المحاكمة وهو طريح الفراش داخل قفص الاتهام، كان قد تأكد أن ما جرى لاعلاقة عملية له بكل ما قيل وتردد من شعارات اجتاحت مصر والمنطقة العربية أي: "الشعب يريد إسقاط النظام"، فشتّان بين ما يريد الشعب وما آلت إليه الأمور في مصر!
وقياساً بما حصل ويحصل منذ تنحي مبارك الى البدء بمحاكمته، يمكن القول اننا أمام عملية تغيير للجلد، تماماً على طريقة الأفعى عندما تخرج من جلدها لتبقى أفعى بجلد جديد. وهكذا عندما يساق مبارك الى المحكمة، فإنه يمثُل أمام محكمة النظام إياه الذي لم يسقط بعد ويبدو سقوطه مستبعداً، لأن ليس في وسع الثورة والثوارالذين انفخت دفّهم وتفرّق العشّاق على ما بدا في الأسابيع الأخيرة، أن يغيروا هرم القوة أي النظام الذي يعطي السلطة للجيش.
عنوان ما جرى حتى الآن هو: "مات" الرئيس عاش النظام... مبارك يحاكم والنظام يحكم... مبارك في القفص والنظام في السلطة. كل هذا قد يعني أن حكومة الدكتور عصام شرف ليست أكثر من قناع لا يستر إمساك المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان ورفاقهما بالسلطة، وهو ما يثبت أن سقوط مبارك لا يعني سقوط النظام.
كل التعديلات في حكومة شرف لا تصنع نظاماً جديداً، النظام الجديد في مصر يعني نقل السلطة الى حكومة مدنية منبثقة من انتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة. هذا الأمر يتطلب تجاوزاً فعلياً لأخطبوط المؤسسة العسكرية التي تمسك بمفاصل السلطة والقرار وهي دولة داخل الدولة، وربما أقوى من الدولة لأنها النظام إياه، فلها مؤسساتها الاقتصادية والتجارية والصناعية والزراعية ومجالس اداراتها، التي غالباً ما يتولاها الضباط الذاهبون الى التقاعد. إن سقوط مبارك لا يعني سقوط أو حتى إمكان سقوط هيمنة المؤسسة العسكرية، وهذا أمر يبدو ان أميركا كانت مطمئنة إليه قبل المسارعة الى دعوة مبارك للتنحي!

ماذا فعل النظام الذي يديره الآن طنطاوي ورفاقه؟

وضع حكومة عصام شرف الاسترضائية في الواجهة، ثم عمل بدهاء على شرذمة صفوف المتظاهرين والثوار، نجح في مغازلة الاخوان المسلمين، قام قبل أيام بإخلاء ميدان التحرير بالقوة ولو من دون "موقعة جمل" جديدة، ويسهر الآن على إجراء انتخابات تمثيلية ورئاسية، تُبقي الأمور في قبضة النظام إياه وبوجوه جديدة. آخر إبداعاته تعيينات المحافظين الجدد، التي استبعدت روح ثورة 25 يناير، أي عنصر الشباب والمرأة والأقباط فقد كانت حصة العسكريين تعيين 7 برتبة لواء كمحافظين من أصل 11 محافظاً. اذاً مات الرئيس عاش النظام... العسكري!

المصدر: "النهار" اللبنانية