طباعة

التهجير القسرى.. الاستيطان.. المياه والواقع الزراعي في الجولان السوري المحتل

موقع أخبار الشرق – الأحد 17 حزيران/ يونيو 2007

 

الجولان المحتل – أخبار الشرق – من أيمن أبو جبل

 

ما حملته مواضيع ندوة يوم الجمعة في قاعة الجلاء ضمن برنامج 40 عاما على الاحتلال الإسرائيلي للجولان الذي تقيمه رابطة الجامعيين وجمعية الجولان للتنمية، كانت وبجدارة محاولة لإعادة صياغة الخطاب السياسي والتاريخي والاجتماعي والإعلامي لمختلف الملفات والقضايا الجولانية، وإعادة كتابة ورواية القصة السورية والعربية في الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام والقصة الجولانية بشكل خاص بمنهجية تفكير علمانية لفهم هذا الصراع وإدراك جوانب الضعف والقوة التي يعاني منها وعينا وإدراكنا السياسي في إدارة هذا الصراع.


 

لقد تناول المتحدثون ثلاث نواح وقضايا هامة في الملف الجولاني تحت الاحتلال الإسرائيلي، حيث افتتح الدكتور تيسير مرعي مدير جمعية الجولان للتنمية مداخلته حول الاستيطان الإسرائيلي والفكر الصهيوني ما قبل وبعد الاحتلال الإسرائيلي للجولان في حزيران عام 1967. واستهل الدكتور تيسير مرعي محاضرته قائلا" ان الاستيطان الإسرائيلي شكل ويشكل احد ركائز ان لم نقل الركيزة الأساسية للفكر الصهيوني. فهو صفة ملازمة لهذا الفكر مرتبطة به بشكل عضوي ولا يمكن الفصل بينهما. وقد شكل الاستيطان القاعدة التي أقيمت عليها الدولة العبرية واستعمل كوسيلة لشرعنه الاحتلال العسكري وفرض سياسة الأمر الواقع. وسياسة الاستيطان اتبعت منذ تأسيس الحركة الصهيونية واستهدفت أيضا منطقة شرق الاردن وحوران. فبين العامين 1882، وحتى 1948، أقامت الوكالة اليهودة والمنظمة الصهيونية العالمية (285) مستعمرة، في فلسطين. وخلال الفترة الممتدة من 1948 حتى عام 1967 أقيمت (587) مستعمرة أخرى. وبعد حرب حزيران عام 1967 واحتلال إسرائيل لسيناء، للضفة الغربية، قطاع غزة والجولان سارعت إسرائيل الى تنفيذ نفس السياسة الاستيطانية حيث أقامت مئات المستوطنات التي تشكل اليوم احد العوائق الرئيسة أمام تقدم أي عملية سلمية في المنطقة.

وبالرغم من ان الفكر الصهيوني كحركة امبريالية أوربية او غربية، لم يتغير بجوهره منذ تأسيسه لكن الظروف المتغيرة والانجازات التي حققها هذا الفكر أدت إلى تغييرات في الأساليب المتبعة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي يمكن تلخيصها بإقامة كيان استعماري في المنطقة مستغل الديانة اليهودية وتاريخها والعنصرية الأوربية ضد اليهود من اجل السيطرة في الشرق الأوسط وإقامة ما يسمى "الدولة اليهودية. ومنذ ان اتخذت الحركة الصهيونية ارض فلسطين وجوارها هدفا لها لتنفيذ مشروعها الاستعماري في المنطقة رفعت شعار تحويل الصحراء إلى جنة خضراء. ففي تلك الحقبة - بدايات القرن الماضي- كانت الزراعة من أهم مقومات الاقتصاد. ومن هنا برزت أهمية الأرض والمياه لتحقيق فكرة الاستيطان الاستعماري في المنطقة. ففي برامج وتصورات الحركة الصهيونية للدولة اليهودية التي كانت تطالب بها في بداية القرن الماضي ضمت فلسطين، الضفة الشرقية من نهر الأردن، جنوب لبنان والجولان. بعبارة أخرى كل مصادر المياه حول فلسطين.

ومنذ تأسيس الحركة الصهيونية برز تيارين مختلفين حول أفضل الأساليب التي يجب إتباعها للاستيطان في المنطقة وفرض السيطرة.

1- فالتيار الأقوى في تلك الفترة وضع إستراتيجية بداية الاستيطان من الحدود الشرقية للدولة المفترضة ومن ثم التمدد نحو الغرب للوصول إلى شواطئ البحر الأبيض. هذا التيار فشل بخططه بعد عدة محاولات للاستيطان في شرقي الأردن ومنطقة حوران كما سنرى لاحقا.

2- التيار الثاني امن بأن يستوطن في فلسطين ومن ثم يتوسع نحو الشرق للسيطرة على مصادر المياة وتحقيق حلم إسرائيل الكبرى. هذا التيار قوي في بدايات القرن الماضي على اثر فشل التيار الأول.

إن قيام دولة إسرائيل عام 1948 وتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة الدولة اليهودية أدى إلى تعاظم الحركة الصهيونية ونقلها خطوة نوعية إلى الإمام وانشغلت ببناء الدولة القوية حيث اتبعت إستراتيجية مكونة من شقين،

الأول- بناء قوه رادعة للعدو (العرب) وهنا توجهت إسرائيل لبناء قوتها النووية منذ بداية الخمسينيات

ثانيا- إضعاف العدو وتقسيمه إلى دويلات طائفية بحيث تصبح إسرائيل كدولة يهودية جزئ طبيعي ومنسجم مع الدويلات الطائفية في الشرق الأوسط وهذا ما نراه اليوم في العراق، لبنان، فلسطين، السودان

ان نتائج عدوان 1967 واحتلال مساحات واسعة من الأراضي العربية أعطى الفرصة للنظام السياسي الإسرائيلي وبسرعة كبيرة الى رفع سقف رغباته ومتطلباته والعمل على:

أولا استيعاب مساحات الأرض الشاسعة واقامة خطوط دفاع جديدة أفضل من السابقة

وثانيا ممارسه ما تدعيه اسرائيل من حقوق "تاريخية" على قسم من هذه الأرض.

وهنا برزت المستوطنات كافضل وسيلة لتجسيد الفكر الصهيوني وتحقيق أطماعة. ففتحت أمام إسرائيل بلاد شاسعة لاستغلالها وجني خيراتها. هذا التوسع شكل منعطفا جديدا في تاريخ اسرائيل اودى الى تطورات هائلة في الاقتصاد الاسرائيلي ومن ثم انعكس باشكال مختلفة على كل مسارات الحياة في اسرائيل والمنطقة باكملها.

الاطماع الصهيونية في الجولان – محاولات الاستيطان

وفي الجولان فان الاستيطان الاسرائيلي جاء ليتوج حلما صهيونيا قديما تمتد جذوره لعدة سنوات قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل السويسرية عام 1897،والذي أقر إقامة ما سمي بـ"الوطن القومي اليهودي" في فلسطين.

في تلك الفترة بدأت الأنظار الصهيونية تتجه نحو منطقة حوران، التي كانت تتبع إدارياً حينذاك لإقليم الجولان، وبما ان القانون التركي أنذاك منع بيع الأرض "الميري" (التي تملكها الدولة) لليهود الذين لا يحملون الجنسية العثمانية، فقد أسس البارون أدموند روتشيل ما عرف بـ"اللجنة الفلسطينية" بهدف شراء أراضٍ بواسطة عملاء يهود من لبنان في قرى سحم الجولان، جلين، نبعة، وبوسطاس تقدر مساحتها بحوالي مائة ألف دونم.

وقد توسط مدير أعمال البارون روتشيلد (ويعرف باسم الياهو شديد) لدى السلطة العثمانية في القسطنطينية بحيث سمحت ل 200-300 عائلة يهودية سنوياً بالدخول الى المنطقة. وبالفعل فقد دخلت 25 عائلة يهودية للمنطقة المحددة واستوطنت قرب سحم الجولان. ولكن نتيجة العلاقات المتوترة مع القرى المجاورة والهجمات المتكررة للبدو أدت بالنهاية الى رحيل العائلات من المنطقة وذلك على خلفية إصدار كاظم باشا –حاكم دمشق- امر بطردهم.

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى وبعد توسط شركة "يكا" عند الملك فيصل، امر باعادة الاراضي التي صادرتها السلطة العثمانية من اليهود. حيث قامت هذه الشركة بتأجير الارض للفلاحين العرب مقابل ان تنال الشركة ربع الانتاج. واستمرت الأوضاع على هذه الحال حتى إلغاء ملكية الشركة للأرض من قبل السلطات السورية عام 1948.

اسرائيل بطريقها الى الجولان

بعد إقامة دولة إسرائيل حاولت كل الدول العربية ان تتوصل لاتفاقيات سلام معها بالرغم من ان وسائل إعلامها كانت تعطي انطباع الاستعداد للمعركة ورفض السلام مع اسرائيل. بالمقابل رفضت اسرائيل ان تخوض اي مفاوضات رسمية مع اي دولة عربية بالرغم من ادعائها وعبر وسائل إعلامها بأنها معنية بالسلام. ان رفض إسرائيل لأي عملية سلام كان لسببين:

1- عدم قبول كل التيارات الصهيونية بحدود 1948 كحدود لدولة إسرائيل.

2-رفض إعادة توطين اللاجئين الفلسطينين في ديارهم.

وعلية فان اسرائيل كانت معنية وبشكل دائم الا يسود اي استقرار على الجبهة السورية ومحاولة برز سوريا كدولة عدوانية، لذلك باشرت اسرائيل بمشروع المياه القطري، وفي مقابلة مع وزير الحرب الإسرائيلي السابق موشي ديان قال ان معظم الاشتباكات التي حصلت مع سوريا كانت مبادرة من اسرائيل حيث كنا نقوم بارسال مزارعين الى نقاط التماس ونحن نعرف ان السوريين سيطلقون الرصاص، فنقوم نحن بالرد عليهم. وتجدر الاشارة ان الامم المتحدة اشارت الى ان اسرائيل قامت 72 مرة بافتعال اشتبكات مع السوريين وان مرتين قامت سوريا بالمبادرة في الاشتباكات واربعة مرات لم يعرف من الذي بدأ فيها:

الاستيطان في الجولان:

لقد شهد استيطان الجولان اربعة مراحل لن اخوض في تفاصيلها لمحدودية الوقت:

المرحلة الاولى 1967-1973 (حرب تشرين)

بعد عدة اسابيع على الاحتلال بدأت مجموعات المستوطنين الاوائل الوصول الى الجولان من اجل الاقامة به. وحسب المصادر الاسرائيلية فان دافيد بن عازار – قائد منطقة الشمال وافق في 14 حزيران لمجموعة من اعضاء كيبوتسات الشمال الاقامة في معسكر العليقة الذي هجره الجيش السوري. ثم انتقلت هذه الجموعة الى منطقة القنيطرة بتاريخ 31 اب من نفس العام، حيث بلغ عددهم ما يقارب 50 شخص فافتتحوا مطعما ومركز استعلامات وعيادة لزائري الجولان.

بعد ذلك شرعت الحكومة باعداد ما يسمى مشاريع تطوير الجولان واولها كان نشر بشهر تشرين ثاني 1967 الذي خطط بان يصل عدد المستوطنين في الجولان عام 1977 لـ 50000 مستعمر.

ويعتبر مشروع ييغال الون الذي نشر في تموز 1967 من اهم المشاريع الذي اقترح فيه ان تبقي اسرائيل على قسم من الجولان بحيث يضمن لها السيطرة المطلقة على مصادر المياه ومنع اي هجوم سوري. في هذه الفترة تم تركيز معظم الاستيطان في جنوب الجولان حيث الارض الخصبة.

المرحلة الثانية 1973 – 1977 صعود (الليكود)

في هذه الفترة اعتمدت اسرائيل على استخلاص العبر من حرب تشرين وعملت على تكثيف الاستيطان في مركز الجولان والتوجه الى اقامة مجمعات صناعية ابرزها في مستوطنة كتسرين

المرحلة الثالثة من العام 1977-ولغاية العام 1991 بداية مؤتمر مدريد للسلام

المرحلة الرابعة من العام 1991 ولغاية اليوم

لقد شكل الاستيطان الإسرائيلي في الجولان وخاصة في السنوات الـ15 الماضية مكانا لجذب المستوطنين وتحويل الجولان الى منطقة سياحية بجودة عالمية كما اطلق المستوطنون علي الحملة (بالجولان الأخضر) لكن رغم هذا كله فان الاستيطان الإسرائيلي لم يستطع تحقيق اهدافة كما رسمها مهندسوه ومخططوه لأحد الأسباب الهامة في ان سوريا شكلت تهديدا واضحا على إسرائيل وعلى استقرار المستوطنين بسبب إمكانية عودة الجولان إليها بتسوية سياسية او او عمل حربي ما.

المياه والزراعة في الجولان:

المهندس الزراعي شحاذة نصرالله تحدث عن التنوع الجغرافي وتنوع الطقس والمناخ في الجولان الذي أعطى الجولان أهمية خاصة ومهمة وعكس هذا التنوع اثره ونتائجه على نوعية وكمية المزروعات التي تزرع فيه، هذا التنوع موجود في مساحة جغرافية صغيرة نسبيا، والقي المهندس شحاذة نصرالله الضوء على كمية المياه في الجولان حيث معدل سقوط الامطار 500- 600 ملم سنويا وفي جبل الشيخ (خزان المياه) تتجاوز كميه الأمطار من الثلوج 2000 ملم بالارتفاعات العالية الأمر الذي يمنح الجيوب الجوفية وخاصة الأودية والانهار والينابيع في شمال الجولان قدرة كبيرة من المياه. وتناول في مداخلته" ان هناك حوالي 20 بركة ومجمع مياه اصطناعي إسرائيلي بسعة 65 مليون م مكعب اما شركة ميكرورت فلديها في الجولان بئرين ارتوازيين بسعة 11 مليون م مكعب، وبركة رام سعتها حوالي 7 مليون م مكعب ومجموع هذه المياه المستغلة تعادل مليار م مكعب سنويا وهذه تعادل ثلث الاستهلال الإسرائيلي من المياه، بمعنة ان اسرائيل تسرق مياه الجولان لاستهلاكها، وتطرق الى القضية الزراعية حيث اشار الى وجود " 30 الف دونم من الأراضي الزراعية في الجولان هي تحت سيطرة السكان العرب، منها 17 الف دونم مستغلة لزراعة الكرز والفواكه المختلفة ومعدل إنتاج السكان السنوي يقارب 35 الف طن فيما خزانات تبريد التفاح تتسع لحوالي 32الف طن وباقي كمية المنتوج يتم تسويقه من قبل المزارعين في الأسواق. وأضاف " ان معدل ما يستغله الدونم الواحد من التفاح 200 م مكعب مع العلم انه يح تاج إلى 700 م مكعب سنويا وطبع ا هذا يحمل آثرا سلبيا على جودته ونسبة السكر فيه وعلى إمكانية تفتح براعم جديدة للسنة القادمة. " وتوقع المهندس شحاذة نصرالله ان هذا العام سيشهد تدنى أخر في الأسعار وسيواجه مزارعي الجولان مشاكل مقترحا ان يتم إقامة "كومونة" شعبية لحل مشكلة المنتوج والأراضي بمعنى تجميع الأراضي التي بحوزة السكان ورعايتها والإشراف عليها من خلال إطار واحد يضمن تحسين المنتوج وتقليل المصروفات".

الاستثناء في الخطاب عن اللاجئين (التهجير القسري في الجولان)

أما السيد بشار طربية الذي تناول قضية نازحي الجولان والاستثناء في الخطاب عنهم فقد قال" بداية سأبدأ بالاستنتاج بما يتعلق بالنازحين في حرب حزيران 1967 ان قصتهم هي قصة مبتورة بأسوأ الأحوال، قصتهم ليست قصة لاجئين وليست قصة عربية ولا شرق أوسطية قصتهم قصة سوريين نزحوا او شردوا من قراهم (تهجير داخلي). باعتقادي انه لا يمكن فهم قصه تهجير أبناء الجولان من قراهم ان لم نفهم قصة تهجير الفلسطينيين عام 1948 من وطنهم، لقد استغرقت الحركة الصهيونية 15 عاما بعد نكبة فلسطين لتدرك انه بدون تطهير عرقي شامل وكامل لا يمكن لها ان تحقق حلم الدولة العبرية. لأسفي الشديد جدا لم أجد اي دراسة او وثيقة او رواية علمية تحكي عن نازحي الجولان، او اي مصدر يحكي عن قصة التهجير، كيف ؟ ولماذا؟ واين؟ وماذا حصل بالضبط؟ ان ما حصل في 1967 هو جزء من خطاب عام إسرائيلي عن التهجير ومن الأهمية لنا نحن ان نؤرشف قضية النازحين وسأطرح عدة ملاحظات استهلالية، ان اي صراع بين دولتين هو رواية ا ما سائدة او رواية يتم إسكاتها قصة النازحين تم إسكاتها وبالحالة الإسرائيلية هي قصة مروية عالمية، ان موضوع النازحين من أبناء الجولان هو مفصلي في الصراع السوري الإسرائيلي، وعلى مدار اربعبن عاما كان هناك غياب مطلق لقضية النزوح والتهجير القسري من الجولان، لا سورين ولا إسرائيليين ولا مجتمع مدني ولا مثقفين وإعلاميين ولا مفكرين ولا حكومة سورية ولا معارضة سورية تحدث عن هذا الموضوع، المجتمع الدولي ونحن على السواء تناسينا سيادة الإنسان السوري الذي هُجر من أرضه. ان قضية النازحين لم تدخل في سلم الأولويات كحركة إستراتيجية ولم تدخل بالوعي والإدراك السوري الا في العام 2006 بدأت ملامح مباركة وايجابية حيث عقد مؤتمر الجولان الأول في العام 2007 في القنيطرة وتحدثوا عن النازحين وهذا مؤشر جيد رغم ان يأتي بعد اربعين عاما من الاحتلال،لكن السؤال لماذا الان وليس من قبل؟؟؟

وتابع السيد بشار طربية مداخلته" لا يوجد محاولة لجمع قصص وروايات لغاية ألان بشكل علمي ومدروس، رغم إن قضية النازحين تحمل انعكاسات علينا نحن المتبقيين بعد الحرب، فمجتمعنا يعيش حالة الانقسام بسبب الحرب والتشريد القسري، فمن تغلق الحدود أمامه هذا تهجير قسري مارسته إسرائيل، ومن اضطر الى مغادرة بيته وحتى لو كان مؤتا هذا تهجير قسري، من ارغم بفعل التهديد وخطر الموت والرصاص والإرهاب على مغادرة بيته هذا تهجير قسري ويعتبر جريمة حرب قسم من أبناء مجتمعنا مورس ضده التهجير الداخلي الى قرية مجدل شمس والقسم الأخر تهجير خارجي إلى خارج حدود الجولان، من هنا لا نستطيع ان نحكي حكاية الجولان بدون ان نحكي عن نازحي الجولان، ان إسرائيل نجحت في سياسة التطهير العرقي في الجولان ولم تدفع ثمنا أخلاقيا ودوليا وقانونيا ومنحت بذلك الشرعية للجريمة الإسرائيلية بدون أي عقاب، إن ماكينة الاحتلال في الجولان مارست جرائم بسهوله جرائم حرب بكل ما تعنية من معنى ولم يحاسبها أحدا عليها.

القصة الإسرائيلية للتهجير في الجولان تستند الى ثلاثة روايات:

1- ان راديو دمشق طلب من السكان ترك أراضيهم من اجل ان يتوفر للجيش السوري خوض المعركة بحرية ودون ان يعرض حياتهم للخطر.

2- الرواية الثانية تقول انه لم يكن هناك قرى وسكان وانما 60 قرية فقط عمل سكانها في قطاع الخدمات العسكرية وهؤلاء انسحبوا طواعية مع الجيش السوري.

3- الرواية الثالثة تقول انه لام يكن هناك تطهير عرقي في الجولان لكن من كان هناك هاجر بشكل حر

هذه الروايات الإسرائيلية يجب تفكيكها ويمنع تجاهلها والتعامل معها بردة فعل.

القصة السورية للتهجير العرقي في الجولان: (وهي قصة تستند إلى الرد على القصة الإسرائيلية دون طرح الأمور بعلمانية ومنطق وحقائق).

لم يكن هناك أي إعلان في الراديو حول ترك الناس أراضيهم ابدا، كان هناك 147 ألف نسمة في الجولان موزعين على 200 قرية وليس على 60 تجمع سكني، ولم يخرج أحدا من أبناء من الجولان طواعية وإنما بفعل القوة الإسرائيلية،

بين القصتين لا يوجد أدلة وفق المنهجية العلمية بداية أقول يجب علينا تفكيك القصة الإسرائيلية بالإدغام العلمي(هناك خرائط فرنسية وعثمانية وارشيف الحكومة السورية قبل الاحتلال وجميعها تؤكد انه كان هناك أكثر من 60 قرية في الجولان، وسكان الجولان كانوا يعتمدون في حياتهم على الزراعة والرعي وبما يتعلق بالخدمات العسكرية فكانت موجود فقط في القنيطرة وحول الإعلان في الراديو فرضا إن حصل وتم الإعلان فكيف يمكن لمجتمع كامل أن يخرج من أرضه بنسيبة 100% وهناك تساؤلات عديدة المنطق يفرضها ماذا حصل للعجزة من أبناء الجولان النازحين كيف مشوا وكيف تركوا بيوتهم، ماذا عن المرضى والمعاقين والأطفال، هناك احتماليين فقط اما انه تم قتلهم وتصفيتهم وهذه جريمة حرب كبرى وإما تم نقلهم بالقوة في سيارات وطردوا من أراضيهم وهذا تطهير عرقي وجريمة حرب. لهذا يجب تفكيك القصة الإسرائيلية وهي بالأساس غير منطقية.

قصتنا نحن المتبقين في الجولان حول التهجير:

بداية بشكل غير مباشر نحن وبدون قصد نعطي شرعية لإسرائيل في قصتها حين نقول نحن اخترنا البقاء وكأن الآخرون من أبناء الجولان اختاروا التهجير والنزوح، نحن نقول في خطابنا إننا بقينا في أرضنا بسبب التاريخ ومقاومة المستعمر والتجربة السابقة وعلاقتنا بارضنا وجذورنا... الخ) خطابنا هذا يتجاهل ويتجنى على نسبة 97% من سكان الجولان الذين تم تهجيرهم بشكل قسري، يجب علينا تصحيح القراءات التاريخية لقصتنا بسبب أن لا يلحق أحدا من أشقاءنا من ابناء الجولان المهجرين اي غين او أي ظلم، لسنا وحدنا من يملك التراث والتاريخ والجذور والانتماء لهذه الأرض. وللأسف الشديد لم تقم اي جهة سورية لغاية الآن في أرشفة ودراسة وتحليل وحكاية قصة هذا التهجير القسري وماذا حصل بالضبط، وهذا امر على المعاهد والجامعات والمفكرين والمجتمع المدني والحكومة السورية القيام به، هناك تقرير واحد صادر عن المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة حول أحداث عام 1967 وهناك فقط بالسنتين الماضيتين أصبحنا نشاهد ونرى بعض القصص حول النازحين التي قام بها الإعلام السوري واحدة في مقابلة مع شخص من قرية سكوفيا يدعى "محمد حرفوش" والذي تحدث عن قتل حوالي 50 شخصا من ابناء القرية بعد تجميع السكان وهناك مقابلة اخرى مع شخص يدعى" سليمان اشتيوي" من قرية العشة بالقطاع الأوسط حيث أطلق عليه الجيش الإسرائيلي النار ثلاثة طلقات واستيقظ بعدها في مستشفة في دمشق، الحديث هنا وبغياب المعلومات والبحث والتفاصيل، ان إسرائيل قتلت أناس وارتكبت جرائم لم يكشف عنها لغاية اليوم في الجولان ونقل هذا الجريح بالاستنتاج انه تم نقله وحمله الى شرقي الشريط دون علم منه بسبب غيابه عن الوعي وهذا يشير الى التهجير القسري أثناء وبعد المعارك في الجولان المحتل، التساؤلات المشروعة هنا ما الذي لا نعرفه عن التهجير والنزوح والجرائم وعمليات القتل والتصفية ما نعرفه فقط ان هؤلاء الناس موجودين في سوريا في حي الوافدين ومخيم جرمانا والحجر الأسود ودرعا لكن هناك الآلاف منهم ما زالوا يعيشون في مخيمات.

أخيرا اختتم بأننا حين نتحدث عن إعادة الجولان يجب إعادة بناء القصة السورية عن الجولان بكافة مركباتها، ويجب بناء أرشيف ليكون من أولويات السلطة وأقطاب المجتمع المدني على السواء ونضع أنفسنا أمام التساؤل هل من الضروري الاهتمام بهذا الأرشيف لنا وللنازحين وللجولان وللأجيال القادمة ام لا، وعلينا ان نضع حدا لواقع وحقيقة ان النازحين هم خارج الذاكرة السورية الرسمية والشعبية والأخلاقية والثقافية بما فيها لدى كل أحزاب المعارضة الديمقراطية في سوريا.