كتبها ل د ح الخميس, 07 أكتوبر 2010 11:13

طباعة

بيان
استمرار وتفاقم معاناة المواطنين الأكراد( المجردين والمكتومين )
بعد مرور ثمانية وأربعين عاما على الإحصاء الاستثنائي


أجرت السلطات السورية بتاريخ 5\10\1962إحصاء في محافظة الحسكة ليوم واحد وذلك بناء على المرسوم التشريعي رقم 93 في تاريخ 23/8/1962 الذي يسمح بإجراء إحصاء خاص بمنطقة الجزيرة، بناء على المرسوم التشريعي رقم 1 تاريخ 30/4/1962 وعلى القرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم 106 بتاريخ 22/8/ 1962 ، تحت ذريعة معرفة السوريين من غير السوريين ،جرد بسببه عشرات الآلاف من المواطنين من جنسيتهم السورية أغلبيتهم الساحقة من المواطنين الأكراد ، و ينضم لهم بشكل مستمر أفرادا ليس هناك من ذنب اقترفوه سوى أنهم أبناء لمواطنين جردت منهم جنسيتهم بسبب إجراء تعسفي وعنصري، حيث يعيشون مأساة عميقة فاقدة لشرطها الإنساني .

ومن المعلوم أن المواطنين الأكراد السوريين يتعرضون لأشكال مختلفة و معقدة من الاضطهاد والتمييز، و ربما تشكل حالة الأكراد المجردين من الجنسية و المكتومين ، من أكثر الحالات انتهاكا سافرا لحقوق الإنسان و للدستور السوري و للمواثيق و العهود و الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها سورية ، ونتيجة لهذا الإحصاء الجائر الذي جرد عشرات الآلاف من جنسيتهم ومن حقوقهم الأساسية ، ووضعهم في فضاء اجتماعي وقانوني واقتصادي يتجرعون الاضطهاد والتمييز والحرمان من أبسط الحقوق الأساسية .

وجدير بالعلم وبسبب هذه الإجراءات انقسم المواطنون الأكراد إلى ثلاثة فئات:

الفئة الأولى: أكراد متمتعين بالجنسية السورية.

الفئة الثانية: أكراد جردوا من الجنسية وسجلوا في القيود الرسمية على أنهم "أجانب",ويعطون بطاقة تعريف حمراء ترخص لهم ، و يسجلون "كأجانب" في السجلات الرسمية، ولا تخول لهم هذه البطاقة الحصول على جواز سفر أو المغادرة خارج القطر أو النوم في الفنادق..وقد حصلت اللجان على الكثير من الوثائق التي تؤكد ذلك.

الفئة الثالثة : أكراد جردوا من الجنسية ولم يتم قيدهم في السجلات الرسمية نهائيا، وأطلق عليهم وصف "مكتوم" فيميز وجودهم مجرد ورقة صفراء ، وهم غير مسجلين في السجلات الرسمية،ولا يملكون أية وثائق رسمية باستثناء شهادة التعريف من المختار أو سند الإقامة ، وبالتالي لا يتمتعون بأي حق من حقوق المواطن.

و يشمل صفة المكتوم بالإضافة إلى الفئة السابقة كل من:

  1. ولد لأب "أجنبي" من الفئة الثانية السابق ذكرها، وأم مواطنة.
  2. ولد لأب "أجنبي" وأم "مكتومة".
  3. ولد لأبوين "مكتومين".

هؤلاء الأطفال من الفئات المذكورة أعلاه غير مسجلين في السجلات الرسمية ولا يملكون أي جنسية، على الرغم من أن العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية في مادته 24 تؤكد أنه:

"2- يسجل كل طفل فور ولادته ويكون له اسم.

3- لكل طفل الحق في أن تكون له جنسية".

كما أن في حرمان الطفل الكردي من جنسيته السورية انتهاك للمادة السابعة من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 الذي صادقت عليه سورية في تموز من عام 1993 ، وتنص هذه المادة على أن:

"يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية......2- تكفل الدول الأطراف إعمال هذه الحقوق وفقا لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان ولا سيما حيثما يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك".

وتزداد المعاناة أكثر مأساوية بالنسبة للمحرومين من الجنسية بموجب المرسوم التشريعي 93 لعام 1962 ،عندما استهدفت هذه الشريحة الاجتماعية ببعض الإجراءات والمراسيم والقرارات الإدارية التي جعلت من هذه الفئة جماعة محرومة من أهم حقوقها ليس فقط المدنية والسياسية والثقافية، بل أيضا الاجتماعية والاقتصادية.

إن لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ،و بمناسبة مرور ثمانية وأربعين عاما على الإحصاء الجائر تعلن تضامنها الكامل مع هؤلاء المواطنين ، وتبدي قلقها البالغ على مصيرهم وترى في هذا الإجراء التمييزي ونتائجه ، الذي اتخذته السلطات السورية المتعاقبة منذ عام 1962 وحتى الآن وما خلفه من معاناة وحرمان من أبسط حقوق المواطن ، انتهاكا مستمرا ومنظما للحقوق الأساسية للإنسان والمواطن كما يشكل انتهاكا لالتزامات سورية الدولية ذات الصلة المتعلقة بحقوق الإنسان ، وذلك رغم الوعود المتكررة من السلطات السورية بإعادة واحترام حقوقهم.

وأننا في ( ل د ح ) نتوجه إلى السلطات السورية من أجل اتخاذ جملة من الخطوات والإجراءات الجريئة ، وتتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية ، في هذه المرحلة الحرجة والتحديات التي تعيشها البلاد ، لتتمكن البلاد من المضي في مسار التنمية والاستقرار والديمقراطية والازدهار .

لذلك نحث السلطات السورية على :

  1. إلغاء نتائج الإحصاء لعام 1962 وتداعياته
  2. رفع حالة الطوارئ وإلغاء كافة المحاكم والقوانين الاستثنائية.
  3. إلغاء كافة التعليمات والأوامر الإدارية التمييزية بحق المواطنين الأكراد .
  4. تعديل الدستور السوري والقوانين السورية ذات الصلة بما يتلاءم والتزامات سورية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان
  5. وقف جميع الممارسات التمييزية بحق الأكراد المجردين من الجنسية فيما يخص حقهم في التعليم ,والسماح للجميع باجتياز جميع المراحل الدراسية الأساسية والمراحل العليا في الجامعات والمعاهد
  6. السماح لكل من يوصف ب"الأجنبي والمكتوم" من المواطنين الأكراد السوريين ,بممارسة أية مهنة متناسبة مع تحصيله العلمي , بما في ذلك العمل في الوظائف الحكومية , ريثما يتم استصدار قوانين جديدة تلغي جميع الأشكال التمييزية بحق المواطنين الأكراد السوريين.
  7. السماح لجميع المواطنين الأكراد السوريين ,بحق تملك العقارات الزراعية أو المنازل وغير ذلك ، ووقف مختلف الممارسات الالتفافية,والتي خلقت المزيد من المصاعب و المشاكل الاجتماعية و القانونية.
  8. إيقاف جميع الممارسات الحكومية التي تنتهك الحقوق الثقافية للأكراد في سورية والمستمرة منذ سنين طويلة, وخصوصا سياسة التعريب بكل أبعادها التي يعاني منها المواطنون الأكراد رغم التزامات الحكومة السورية المعلنة بالمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان, إضافة للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، بما يخص احترام الحقوق الثقافية والقومية للأقليات.
  9. تعديل قانون الجنسية السوري وصولاً إلى المساواة بين الجنسين مما يقوي الشعور بالمواطنة الحقيقية عند المرأة وأولادها .

إننا في ل.د.ح نؤكد بان جميع الحلول لما يعانيه المواطنين الأكراد من تمييز عنصري واضطهاد قومي يأتي عبر التزام الحكومة السورية بالمواثيق والعهود والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليه .

دمشق في 5\10\2010

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا

مكتب الأمانة