تداخل في المصطلحات الحقوقية

طباعة

حسان أيو

عند قراءة البيانات والتصريحات التي تصدر عن المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية ، تجد التداخلات في استخدام المصطلحات القانونية ، لما تحتويه من التداخل واللبس فيها ،فيروج للفكر أو أفكار معينة ذات أبعاد إيديولوجية تحمل في طياتها

حوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية ، ومن الملحوظ في عصرنا الحالي تداول أفكار ذات أبعاد إنسانية ، تحت إطار ومفاهيم حقوق الإنسان ، والتي انبثقت من الميثاق الأمم المحتدة ، و أنتجت بدوره إعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والذي يعد الأب الشرعي لكامل المواثيق والعهود والبروتوكولات والاتفاقيات لحقوق الإنسان ، حقوق الإنسان من خلال تعاطي الجانب النظري بما يخص العهود الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ،و مع التناقضات التي تحملها الجانب العملي لتطبيق تلك المفاهيم النبيلة وتداخلاتها في المصالح السياسية ، حتى آخذت تحمل الطابع السياسي ، ومع هذا كله لا بد من تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتربية الحقوقية ، إدخالها في الحياة اليومية وفي الممارسة العملية من خلال المناهج التدريسية في كافة مراحله ، ورصد الانتهاكات التي تحدث للإنسان وتوثيقه والتوعية لها

هناك تداخل في المصطلحات الحقوقية ، وبالتحديد مصطلح (الاحتجاز- التوقيف- الاعتقال –الحبس-الاتهام -التلبس -التربص) ، لما يوجدمن تداخل قريب بين المصطلحات المذكورة فإنني أحبذالتنويه لتمييز كل مصطلح على حدا.

المصطلحات القانونية المتداخلة

26- الاتهــام: Accuse

هو تحميل أحد الأشخاص مسئولية ارتكاب جريمة معينة، بعد توفر أدلة أو قرائن قوية كافية لتوجيه الاتهام إليه وتحريك الدعوى الجنائية ضده. وفي العادة فإن الاتهام يكون علاقة، ينشأ بمقتضاها حق الدولة في معاقبة الجاني، ذلك في مقابل التزام الأخيرة بتنفيذ العقوبة. ويشتمل مصطلح الاتهام على التكييف القانوني للوقائع التي تشكل أساس الاتهام. والشكوك التي تحوم حول شخص ما، والاعتقاد بأن له ضلع في ارتكاب جريمة معينة. بهذا المعنى فإن مكمن الفرق بين الاتهام والاشتباه، هو في قوة الأدلة الخاصة بفعل الجريمة، فكلما كانت الأدلة قوية وكافية كان هذا داعماً لتوجيه الاتهام للشخص فإن لم تكن كذلك ظل هذا الشخص موضع الاشتباه وليس الاتهام.

التلبس

هو اكتشاف الجريمة حال ارتكابها أي أثناء مباشرة الفعل ذاته أو مباشرة أحد أركانه. ومؤدى هذا أن التلبس صفة لصيقة بالجريمة نفسها لا بالمتهم أو بالمتهمين.

فالتلبس حالة واقعية تعبر عنها مجموعة من المظاهر الخارجية التي تدل على أن الجريمة تقع أو تكون بالكاد قد وقعت وذلك بصرف النظر عما ينتهي إليه التحقيق فيها.

وعلى سبيل المثال فإن إمساك الشخص بأدوات تعاطي المخدرات وانبعاث الرائحة منها يعتبر مظهراً من المظاهر الخارجية المشار إليها، بحيث إذا ثبت لاحقاً من خلال فحص العينة أن بها مخدراً، فإن الشخص يقدم إلى المحكمة بتهمة حيازة المخدر.

1- الترصد:

هو تربص الجاني للظفر بالمجني عليه ومباغتته في مكان وزمان يحدده هو لارتكاب الفعل المادي المكون للجريمة. وهناك فارق بين الترصد وسبق الإصرار فالترصد ظرف عيني يتعلق بكيفية تنفيذ الجريمة ولا شأن له بالقصد الجنائي، أما سبق الإصرار فإنه ظرف شخصي يتعلق بالقصد الجنائي ولا شأن له بكيفية تنفيذ الجريمة. ومؤدى ذلك وجود اختلاف بين المصطلحين، سواء من حيث الطبيعة القانونية، أو من حيث أركان الجريمة، وبالتالي من حيث النتائج القانونية المترتبة على كل منهما.

27- الاحتجاز: Detention

يستخدم مصطلح الاحتجاز عندما يجرد المرء من حريته لسبب لا يتصل بصدور حكم قضائي بإدانته سواء قبل المحاكمة أو أثناءها، ويختلف ذلك عن السجن الذي يجرد المرء بمقتضاه من حريته بعد صدور حكم قضائي بإدانته ومعاقبته بعقوبة محددة.

الحبس:

يستخدم مصطلح الحبس بمعنى سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق وفق ضوابط يقررها القانون.وقد يكون الحبس حبساً احتياطياً ،وهو إجراء يصدر عن سلطة التحقيق بعد استجواب المتهم الماثل أمامها، ويتضمن أيضاً سلب حرية المتهم مدة محددة من الزمن قابلة للمد والتجديد. وغاية هذا الإجراء ضمان سلامة التحقيق الابتدائي من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك، دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو المجني عليه، وكذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه، إضافة إلى تهدئة الشعور العام الذي قد يثور في نوعية معينة من الجرائم.

التوقيف:

هو إجراء تقوم به السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم، وهو مباح إذا ما وضع الشخص نفسه في موضع الشك بما يستلزم التدخل للكشف عن حقيقة أمره. أي أنه إجراء مؤقت أو احتياطي، بحيث إذا زال مبرر التوقيف فإنه يبطل كما يبطل كل إجراء يكون قد ترتب عليه. أمـا القبض فإنه يعني تجريد الفرد من حريته على يد السلطة العامة بغرض اقتياده إلى الحجز، ووضعه تحت تصرف سلطة التحقيق حتى تتضح مدى الحاجة لحبسه احتياطياً أو الإفراج عنه.

الاعتقال:

هو سلب مؤقت للحرية تجريه سلطة إدارية دون أمر صادر من السلطة القضائية المختصة بحيث يتم التحفظ علي الشخص، ويمنع من الانتقال، كما يحظر عليه الاتصال بغيره، أو مباشرة أي عمل إلا في الحدود التي تسمح بها السلطة وذلك بهدف حماية " أمن المجتمع".

ويعد الاعتقال من التدابير التي يمكن للسلطة اتخاذها في ظل سريان قانون الطوارئ، ويترتب عليه حرمان الفرد من بعض حقوقه الأساسية ومنها حقه في الحرية الشخصية وحرية التنقل والإقامة. ويختلف الاعتقال عن الحبس في أن الثاني سببه اتهام جنائي محدد يصدر عن سلطة التحقيق ويستوجب توفر أدلة كافية، بينما الاعتقال قرار إداري يصدر على سبيل الاحتراز لمجرد الاشتباه في الشخص ودون توفر أدلة مادية بالضرورة.


المصادر

1- أحمد الرشيدي، بعض الإشكاليات النظرية لمفهوم التدخل الإنساني، قضايا حقوق الإنسان، القاهرة: المنظمة العربية لحقوق الإنسان

2- الحق في محاكمة منصفة، القاهرة: مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، دراسات حقوق الإنسان 2، بدون تاريخ.

3- حقوق المجني عليه في الإجراءات الجنائية ، القاهرة: أعمال المؤتمر الثالث للجمعية المصرية، للقانون الجنائي، 12-14 مارس 1989، القاهرة، دار النهضة العربية، 1990