عمر يلّي راح ........ طلع ع السما

طباعة

عمر يلّي راح ........ طلع ع السما

فراس سلمان

صادفناه  (أنا وآصف نيوف ) في أحد الاستراحات المنتشرة قرب حمص على الطريق الدولي . شيء ما جعلني أتخيل أنه طفل صغير يأخذ دور شخص كبير في مسرحية ما , في الاستراحة ناس من كل أرجاء هذا البلد الطيب من مختلف الأعمار والمناطق واللهجات..........تجمعهم الاستراحة لربع ساعة وسرعان ما يعودون لحافلاتهم , ووحدهم عمال الاستراحة يبقون لاستقبال الأفواج المتدفقة من البولمان وسؤالهم عن رغباتهم من الأكل والشرب أو التسلية من الأصناف العديدة المتوفرة , وحده عمر بين هؤلاء العمال ( المراهقين ) يملك بعض الخصوصية فهو عليه أن يسوق ويحضّر ويوصل ويقبض ثمن ما تبيعه آلة القهوة الجاهزة ...........بادرنا بابتسامة عريضة فشرحنا له ذوقنا في قهوة ( الاكسبرسو ) , لحظات وأحضرها لنا

مؤكداً أنه الصنف الذي سيعجبنا .........ولكن مهلاً أيها الصغير الشاب ( اللطيف ) : ما اسمك , قال عمر ........

كم ساعة تعمل في اليوم :( من التماني للتماني ) سألته عمر ألا تحب اللعب فقال كثيراً كما أنني ألعب قلت متى ؟

قال بعد الشغل ننزل مع الشباب , كم عمرك : 12 سنة ؟ هل تركت المدرسة : لالا قلت له ( وأنا أفكر في حاجته لنصيحة عابر مثلي ) يجب ألا تترك المدرسة ياعمر فأنت تستطيع أن تغير حياتك عليك أن تتعلم ...........

استأنفت وأنا أفكر في مصير هذه الطفولة , هل أبوك موجود : نعم , ماذا يعمل : والله أبي عاجز ولا يستطيع أن يعمل , أنا علي أن أعمل لأعيل حتى أطعم أبي وأمي ......................

هنا اكتملت الصورة لحالة يعيشها الكثيرون من ليس لديهم ( ليعيشوا ) إلا التضحيات المؤلمة , عمر ليس ابن عائلة فقيرة عليه أن يتدبر أموره , إنما هو رب عائلة ( صغير ) في الوقت الذي يحتاج هو للرعاية .

للأسف لم أكن أحمل الكاميرا لأؤطر هذه الصورة المكتملة, عدت من دمشق في اليوم التالي , نزلنا في الاستراحة وأنا أعتزم تصوير عمر ولكن عمر ليس في العمل ولا من أحد في مكانه؟

بعد اسبوع مررت بالاستراحة , نظرت إلى مكان عمر , هنالك شخص آخر ...............في طريق العودة عمر ليس موجوداً أيضاً ؟ أين عمر ( سألت الشاب الصغير الذي حل مكانه ) نظر في عيني وقال متنهداً عمر راح ............... طلع ع السما !!!!!!قلت له ماذا تقول , فقال : الأسبوع الماضي صدمته سيارة على الاوتستراد مات فوراً ( الله يرحمو) لم أعرف ماذا أقول سألته سؤال واحد ( عمر الله يرحمو) شو اسمه الثاني , أجاب : عمر الفرج !

آه  عمر حتى اسمك ليس لك به نصيب , لحظة رأتك عيني  تخيلتك ممثلاً في مسرحية , فما هذا الدور العصي على أي فهم أو تحليل ؟ و لماذا انتهى العرض في اليوم التالي لنصيحتي ( المترفة ) لك بألا تترك المدرسة .