مفارقــات برسم الوزراء والمسؤوليـن

طباعة

 

المحامي هيثم المالح

 

منذ أيام وأثناء قيادتي لسيارتي على الطريق من قرى الأسد باتجاه دمشق كانت دورية من الشرطة تقف على الناصية، فاستوقفني أحد شرطتها ليأخذ إجازة السوق وليحرر مخالفة بداعي عدم استعمالي للحزام.
في أثناء ذلك مرت سيارة عليها لوحة"شرطة" يقودها عميد دون ان يستعمل الحزام بينما يأخذ له الشرطي التحية المناسبة!!
حتى أدفع المخالفة صرفت ست ساعات من وقتي ذهاباً وإياباً بين حرستا وباب مصلى لأنني لم أكن أعرف أن علي الذهاب إلى حرستا بداعي أن تنظيم المخالفة كان خارج دمشق .
سألت الشرطي ،هل تستطيع قمع أي مخالف فاستغرب سؤالي قائلاً كيف لي أن أوقف سيارة وزير أو أنظم مخالفة بحق وزير أو مسؤول رفيع أو حتى مسؤول أمني غير رفيع ،إنني لا أستطيع إلا تطبيق القانون على أمثالك من السائقين الأخرين.
في طريقي إلى مكتبي وعند موقف قصر الضيافة في أبي رمانة توقفت على الإشارة الحمراء ولكن فوجئت بسيارة مرسيدس سوداء تتجاوز الإشارة الحمراء،بينما يأخذ الشرطي التحية للسيارة ،فناديت الشرطي وسألته من هذا الذي انتهك الإشارة الحمراء فأجابني أنه وزير! فقلت له هل هذا ال"000" فوق القانون.
كنت مرة أقود سيارتي على شارع موصل بين شارع المبرة وشارع مرشد خاطر وأسير على يمين الطريق كما هو القانون،فخرجت أمامي سيارة تسير على يسار الطريق بالنسبة إليها، فتوقفت وطلبت إلى السائق أن يتحول إلى يمين الطريق بالنسبة إليه فما كان منه إلا أسمعني أبشع الألفاظ "وطبعاً هو مسؤول كما يظهر من تصرفاته" .
في إحدى المرات كنت أسير في الحلبوني في شارع ذو اتجاه واحد فجاءت أمامي سيارة تسير عكس الاتجاه والطريق لا يسمح إلا بمرور سيارة واحدة، فطلب إليّ سائقها أن أعود للوراء كي أفسح المجال له بالمرور فأمتنعت وقفلت السيارة وأستدعيت شرطي المرور من المكان القريب وعندما جاء إلى الموقع تحدث إليه سائق تلك السيارة فما كان من شرطي المرور إلا أن طلب إليّ الرجوع بسيارتي إلى الخلف حتى أفسح للسائق المخالف مجال المرور .
كنت أسير في أحدى المرات على أوتستراد المزة فتجاوزتني من على يساري بصورة خطرة سيارة" رانج روفر" كاد سائقها يصدمني وعندما استعملت المنبه وأشرت له أشارة استغراب ما كان منه إلا أن صدمني بجهة رفراف السيارة الأمامي الأيمن وهرب ولم أستطع اللحاق به .
أن ابن أحد موكليّ كان يسير بسيارته على الطريق الموصل من أبي رمانة إلى الجسر الأبيض فتوقف على الإشارة الحمراء، فتوقفت وراءه سيارة عادية وبدأ سائقها يستعمل المنبه "الزمور"طالباً إلى الشاب السير واختراق القانون بالإشارة الحمراء،وعندما رفض الاستجابة نزل سائق تلك السيارة التي خلفه وبدأ يضربه ثم استل مسدسه فضربه على رأسه بأخمص المسدس فأدماه، وتم سوقه إلى القضاء العسكري ،ولا تزال الدعوى قائمة،ومن اللافت أن السائق هو عنصر في الأمن.
فزت أسعار المحروقات في سورية بشكل جنوني دون الأخذ بعين الاعتبار ضعف الدخل القومي والذي يقدر للفرد الواحد سنوياً بنحو (1200 دولاراً)،وهذه الأسعار لا يتضرر منها سوى أصحاب الدخل المحدود،ثم عاد سعر برميل النفط للتراجع إلى نحو ثلث القيمة،وهبطت أسعاره في دول الجوار ،والتي يقدر دخل الفرد فيها أعلى من دخل الفرد في سورية،ومع ذلك لم يرف للمسؤولين جفن ولم نر منهم خطوة واحدة في اتجاه تخفيض أسعار المحروقات لسبب بسيط أن جيوبهم لا تتحمل قيمتها .
حصلت على أحكام عديدة أكتسبت الدرجة القطعية ،وفي الفقه القانوني (الحكم القضائي القطعي هو عنوان الحقيقة)ومع ذلك فالعديد من الموظفين الإداريين يرفضون تنفيذ هذه الأحكام خارج إطار القانون .
في الحقيقة أنني أملك في جعبتي المئات من الحوادث المماثلة والتي أن دلت على شيئ فأنما تدلنا على مقولة سبق أن تعلمناها من القديم حول انهيار الأمم من أنه(إذا سرق فيكم القوي تركتموه وإذا سرق فيكم الضعيف أقمتم عليه الحد) وهنا مكمن الضعف في الدول وهو أحد اسباب انهيارها ،فعندما يكون القانون في يدنا نكيفه على هوانا ولا يسود على سائر الناس بالتساوي نكون سائرين إلى الحضيض .
فهل سيعي من يدر شؤون هذه البلد إلى الأخطار التي تهددنا نتيجة الازدواجية في المعايير والنظر إلى المواطن بنظرة "ابن الست وابن الجارية".
أسئلة كثيرة أضعها هنا أمام كل مسؤول لتدارك الأخطاء قبل فوات الأوان،وعندها لات ساعة مندم