خطاب الفيدرالية السورية لحقوق الإنسان في المنتدى الدولي حول التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين

كتبها Administrator الجمعة, 07 ديسمبر 2018 22:17

طباعة

خطاب الفيدرالية السورية لحقوق الإنسان في المنتدى الدولي حول التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين

شاركت الفيدرالية السورية لحقوق الانسان، في اعمال المنتدى الدولي حول “التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين” الذي نظمه مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية , بتاريخ 2-3-4 \ 12\2018 في مدينة القامشلي - شمال سورية, وتم القاء خطابا باسم الفيدرالية السورية لحقوق الانسان , عرض ويتكثيف شديد لمجمل التقارير التي اصدرناها حول عفرين منذ بداية الاعتداءات والعدوان عليها وعلى أهلها, من قبل قوات الاحتلال التركية والمتعاونين معها, وذلك من موقعنا كفيدرالية سورية لحقوق الانسان , ومعنية بالدفاع عن حقوق الانسان الفردية والجماعية في سورية. ونقوم بنشر نص خطاب الفيدرالية السورية لحقوق الإنسان حول: التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين، والتي تفضل بإلقائه ممثلا الفيدرالية السورية لحقوق الانسان، وذلك بتاريخ 4\12\2018، الأستاذ معصوم إبراهيم وهو رئيس المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سورية (DAD), ونورد فيما يلي النص الكامل للخطاب الحقوقي:

اطلالة على الانتهاكات الجسيمة والجرائم المرتكبة في عفرين وقراها من قبل قوات العدوان التركي والمسلحين السوريين المعارضين المتعاونين معهم

كلمة بداية لابد منها:

تلكأت الأمم المتحدة وتواطأت معظم دول العالم عبر التزامها الصمت إزاء الاعتداءات التركية على الأراضي السورية منذ عام 2011 وحتى غزو عفرين واحتلالها منذ 20كانون الثاني2018، ووقفت معظم حكومات العالم صامتة ودون اكتراث يذكر, حيال ما قام به جيش الاحتلال التركي مع مسلحين سوريين ينتمون الى فصائل معارضة، وبتواطؤ مريب من معظم الدوائر السياسية الدولية واصل العدوان التركي كل عمليات اعتداءاته على الأراضي السورية مستخدمين احدث صنوف الأسلحة البرية والجوية, وفي خروقات فاضحة لكل المبادئ والقواعد التي تحكم القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ، وتم افساح الطريق أمام الحكومة التركية لاستخدام كل اساليب العنف والعدوان ضد قوى مجتمعية حاربت الإرهاب وممثليه من داعش وغيرها.

ففي مدينة عفرين نفس القوى المجتمعية التي حاربت قوى الإرهاب وتنظيماته، هي التي قاومت وتصدت للعدوان التركي والمسلحين الذين يقاتلون معه حيث انهم قاموا بارتكاب العديد من الانتهاكات الفردية والجماعية بحق اهالي قرى ومدينة عفرين، علاوة على الحجم الهائل من التخريب والدمار وسقوط المئات من الضحايا المدنيين وغير المدنيين بين قتيل وجريح، جروحهم متفاوتة الشدة , والتهجير للآلاف من السكان الأصليين , إضافة الى العديد من المجازر التي تتسم بالتطهير العرقي وترتقي الى مصاف الجرائم الجنائية الدولية .

مدخل الى القواعد التي تحكم سلوك المتحاربين :

منذ القدم عرفت البشرية الحروب والنزاعات المسلحة , ومع مرور الزمن تطورت أدوات الحرب واصبحت الحروب اكثر تدميرا وغير إنسانية وتنتهك فيها حقوق المدنيين وغير المشاركين في الحروب بصفة خاصة والمحاربين بصفة عامة، ولم تكن هناك قواعد تحكم سلوك المتحاربين، إنما الوحشية وشريعة الغاب هي التي كانت تسود فقط، لقد عرف الإنسان قديما حرب القبائل وحرب الإمبراطوريات وحرب الأمراء وحرب الأديان، وقد اتسمت هذه الحروب بالهمجية والمغالاة في القهر، فلم تفرق بين ساحات القتال وبين المقاتل وغير المقاتل, ومن هنا بدأ البحث عن قواعد وضوابط يمكنها ان تضفي طابع الإنسانية على مجريات الحروب اذا كان من غير الممكن إيقافها , وظهرت الدعوات إلى حرب عادلة تحمي غير المشاركين في الحروب، وبعد ذلك ترتب عنه عقد اتفاقيات دولية من أجل ذلك من طرف هيئات دولية أبرزها “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، التي تعد الراعي الرسمي لحماية هؤلاء الأفراد من خلال “القانون الدولي الإنساني” الذي شهد تغيرات عدة في التسمية من “قانون الحرب” إلى “قانون النزاعات المسلحة “إلى ما هو عليه الآن، والذي كان الفضل الأول في وضع لبناته في العصر الحديث للطبيب النمساوي هنري دونان عام 1863 والتي تجسدت في اتفاقية جنيف لعام 1864.

وضعت قواعد القانون الدولي العام كأصل عام لتنظم العلاقات بين الدول والأمم، وذلك من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين، وسير العلاقات دون نزاعات أو حروب، لذلك وجد فروع القانون الدولي العام ومن بينها القانون الدولي لتنظم العلاقات بين الدول والأمم، القانون الدولي للبيئة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الاقتصادي وللتنمية والعمل، وأخيرا القانون الدولي الإنساني الذي يعد من أهم فروع القانون العام الدولي.

والقانون الدولي الإنساني هو الذي يهتم بإدارة النزاعات المسلحة القائمة في أرجاء العالم سواء كانت دولية أو غير دولية ويقوم بتنظيمها وتحديد قواعدها، وتشرف على ذلك هيئات دولية خاصة عدة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” التي تسهر على تطبيقه، وتبلورت قواعده بشكل أوسع وأوضح في العصر الحديث.

يمكن القول بان القانون الدولي الإنساني هو:

1- مجموعة الاتفاقيات الدولية المبرمة في لاهاي والمتعلقة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 .

2- اتفاقيات جنيف ، ويقصد بها مجموع قواعد القانون الدولي الإنساني المتعلقة بحماية ضحايا المنازعات المسلحة ، مثل جرحى ومرضى وغرقى القوات المتحاربة ، أو الأسرى ، أو السكان المدنيين المتواجدين في نطاق العمليات الحربية او فرق الإغاثة ، وأفراد الطواقم الطبية الذين يقومون بمهمة البحث عن الجرحى والمرضى ، أو تقديم الرعاية والعناية الطبية للمرضى والسكان المدنيين .

أهداف القانون الدولي الإنساني

يهدف القانون الدولي الإنساني الى تكريس الحماية للفئات المذكورة في اتفاقيات جنيف الأربعة والمحمية وفق أحكام هذه الاتفاقيات، من خلال إلزام القوات المتحاربة، وقوات الاحتلال بواجب الامتناع عن القيام بأفعال محددة كحظر إخضاعهم للعقوبات الجماعية، وحظر القيام بهدم وتدمير المنازل والممتلكات (منازلهم وممتلكاتهم) وحظر إخضاعهم للمعاملة الحاطة بالكرامة، وحظر إخضاعهم للتعذيب وغيره من الممارسات اللاإنسانية، وحظر وضع السكان في ظروف معيشية صعبة، وحظر الانتقام منهم.

النزاعات المسلحة غير الدولية:

خضع مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية لتطور ملحوظ، فقد بدأ في اتفاقات جنيف لعام ١٩٤٩المادة ٣ المشتركة)، ثم تتطور مع مرور الزمن لتخرج مجموعة من النزاعات من إطارها الداخلي، ولتصبح نزاعات مسلحة دولية وفق ما جاء في المادة الأولى (01) فقرة الرابعة (04) من البروتوكول الأول لعام1977 وتبلور هذا المفهوم في البروتوكول الثاني لعام 1977 الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية .

وتُعرّف النزاعات المسلحة غير الدولية من خلال المادة الأولى (1) من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 المتعلق النزاعات المسلحة غير الدولية، والذي طوّر وكمّل المادة الثالثة (3) المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربعة، بأنها:" جميع النزاعات المسلحة … التي تدور على أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى تمارس، تحت قيادة مسؤولة، السيطرة على جزء من إقليمه بحيث يمكنها ذلك القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة، وبحيث تستطيع تنفيذ هذا البروتوكول".

قانون النزاع المسلح غير الدولي

ترد هذه القواعد في المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع في 12 آب 1949، والبروتوكول الثاني الإضافي لها لعام 1977 (البروتوكول 2).

القانون الإنساني العرفي الواجب التطبيق على النزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة غير الدولية

· نشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سنة 2005 دراسة تفصيلية بشأن القانون الدولي الإنساني العرفي. وهذا التقرير المعنون القانون الدولي الإنساني العرفي (دراسة بشأن القانون الدولي الإنساني العرفي) ينقسم إلى ثلاثة مجلدات. ويتضمن المجلد الأول 161 قاعدة للقانون الدولي الإنساني العرفي ووضعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قائمة بها وتعرض قاعدة بيانات لمساعدة البلدان على تعزيز احترام القانون العرفي. وتنقسم هذه القواعد إلى ستة فروع: (1) مبدأ التمييز، (2) الأشخاص والأعيان المشمولة بحماية خاصة، (3) أساليب محددة للحرب، (4) الأسلحة، (5) معاملة المدنيين والأشخاص العاجزين عن القتال، (6) التنفيذ. وينطبق معظم هذه القواعد على النزاع المسلح الدولي وعلى النزاع المسلح غير الدولي.

حالة الاحتلال الحربي :

ورد تعريف الاحتلال الحربي ضمن” دليل قانون الحرب للقوات المسلحة” الذي وضعته اللجنة الدولية للصليب الأحمر لعام 2001، إذ جاء في الجزء التاسع (09) من الفصل الأول (01) من المادة ( 800 ) منه: " أنه يعتبر الإقليم محتلا، حين يخضع بصفة فعلية لسلطة القوات المسلحة للعدو ولا يشمل الاحتلال سوى الإقليم الذي استقرت فيه هذه السلطة وأصبحت ممارستها ممكنة".

حالة الاحتلال الحربي هي: "حالة واقعية غير مشروعة، فرضتها إحدى الدول على إقليم دولة أخرى، تمكنت بمقتضاها من السيطرة على كل إقليم الدولة المهزومة أو على جزء منه وإقامة سلطاتها العسكرية في الإقليم المحتل في إطار الالتزام القانوني بالحقوق والواجبات تجاه السكان المدنيين وممتلكاتهم والمحافظة على النظام العام، إلا في حالة الضرورة العسكرية".

يتميز الاحتلال عن الغزو، فالغزو: هو مجرد دخول القوات المحاربة التابعة لدولة ما إقليم دولة أخرى دون السيطرة الفعلية عليه، مع استمرار المقاومة والقتال في الإقليم نفسه وينتهي بخروج قوات تلك الدولة، وهكذا نجد الغزو مقدمة للاحتلال الحربي أو جزء منه، إذ تتضمن كل عملية احتلال عملية غزو في الوقت نفسه, أما الاحتلال الحربي: فهو مرحلة من مراحل الحرب تلي مرحلة الغزو مباشرة وتتمكن فيها قوات الدولة المحاربة من السيطرة الفعلية على الأجهزة الحكومية والإدارية للإقليم المحتل، ويتوقف القتال المسلح, مع ذلك يمكن أن ينقلب الغزو إلى احتلال كما حدث في عفرين التي احتلتها قوات الاحتلال التركية مع القوات المسلحة المرتزقة المتعاونة معها من المعارضين السوريين عام2018، وذلك عندما لا تقتصر قوات العــدو على عبور الإقليم وإنما تســتقر فيه وتباشر سلطاتها في إطاره.

الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني

إن الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية تلزم الأطراف بتطبيق بنود هذه الاتفاقيات، غير أن لجنة القانون الدولي أكدت أن قواعد أو بعض قواعد اتفاقية ما تصبح ملزمة مباشرة للدول غير الأطراف لسبب بسيط وهو أنها تدون قواعد عرفية سابقة، فالدول غير الأطراف لا تلتزم بالاتفاقية نفسها بل بقواعد القانون الدولي العرفي التي تكرسها الاتفاقية؛ كما أكدت محكمة "نورمنبرغ" ان شرط "مارتنز" يبقى مطبقا. وتم اعتبار أن هذا الشرط يظل نافذاً بصرف النظر عن المشاركة في المعاهدات التي تحتوي عليه، أي ان مبادئ قانون الأمم تطبق في أي نزاع مسلح، وينص شرط "مارتنز" على أن يظل المدنيون والمقاتلون، في الحالات غير المنصوص عليها في الاتفاقيات، تحت حماية وسلطات مبادئ قانون الشعوب، المنبثقة عن التقاليد والمبادئ الانسانية وما يمليه الضمير العام، ما يعني إن القانون الدولي الانساني يعتبر أن الدولة الموقعة أو غير الموقعة على الاتفاقيات الدولية ذات الطابع الانساني ملزمة باحترام قواعد القانون الدولي العرفي التي تتضمنها. وهي تتحمل مسؤولية عدم الالتزام، ولكن من المفترض أن تصادق كل الدول على الاتفاقيات المتعلقة بالقانون الدولي الانساني للخروج من دائرة الشك ومن اجل البشرية جمعاء. كما انه على حركات التحرر الوطني التي تقاوم الاستعمار والاحتلال والتمييز العنصري ان تلتزم قواعد القانون الدولي الانساني كي لا يتحول نضالها المسلح الى أعمال ارهابية.

وبعد ان تم التحول في مكافحة الارهاب، من الاجراءات الامنية التي تتخذها الدول في اطار التزامها بالاتفاقات الدولية بشأن مكافحة الارهاب، إلى حرب تشن على الدول المتهمة بالإرهاب ، اصبح من الواجب التقيّد بالقواعد التي ينص عليها القانون الدولي الانساني بشكل صارم، كي لا تتحول الاعمال العسكرية ضد الارهابيين الى أعمال ارهابية، وكي لا يدخل العالم في دوامة الارهاب والارهاب المضاد.

الانتهاكات الجسيمة في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني

· التقت كل من اتفاقية جنيف الرابعة والمعنية بحماية المدنيين في زمن الحرب المعقودة عام 1949، والبروتوكول الأول الملحق بها المعتمد من المؤتمر الدبلوماسي لعام 1977، واتفاقية لاهاي لعام 1907، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ومبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول على تحديد وتعريف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي العام، والقانون الدولي الإنساني وما يتصل بنفس الموضوع في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما يلي:-

· (القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة، أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقا للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورة حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.)

غير أن هذه الانتهاكات المحددة بالانتهاكات الجسيمة لا تشمل جميع الانتهاكات، وهذا يعني أن هناك انتهاكات قد ترتكب بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العام، وقانون حقوق الإنسان، كالاعتداء على ألاماكن ذلت الطابع الديني كالمقابر، وعلى أماكن العبادة، والأماكن الثقافية والمستشفيات على سبيل المثال، كما يجري في مدينة عفرين وقراها , ولذلك أرى أن لا نغفل في هذه المناسبة تلك الانتهاكات التي تنضوي تحت مبادئ وأحكام قانون حقوق الإنسان والقوانين الأخرى الى جانب ما ترتكبه قوات الاحتلال التركية من انتهاكات بموجب القانون الدولي الإنساني.

جريمة التطهير العرقي

تؤكد الصكوك والاتفاقيّات القانونية الدوليّة ان (جريمة التطهير العرقي) هي عملية الطرد بالقوة لسكّان غير مرغوب فيهم من إقليم معين على خلفية تمييز ديني أو عرقي أو سياسي أو استراتيجي أو لاعتبارات ايدولوجية أو مزيج من الخلفيات المذكورة. وهي محاولة خلق حيّز جغرافي متجانس عرقياً او دينياً، في المنطقة المقصودة، بإخلائه من مجموعة معينة. ويتم تنفيذ ذلك باستخدام القوة المسلحة، والتخويف او من خلال الاعتقالات، الاغتيالات، والأكثر وضوحاً هو عمليات الترحيل القسري، أو الاضطهاد، أو طمس الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية، عبر القضاء عليها نهائيا أو تذويبها في المحيط الإثني الذي يُراد له أن يسود. والهدف النهائي من ذلك هو السيطرة على مناطق تقطنها المجموعة التي يجري تهجيرها او تجعلها غير قابلة للسكن من قبلها مرّة اخرى. وقد تكون عمليات التطهير العرقي، وفي حالات عدّة، مترافقة مع مجازر تُرتكب ضد الجهة المستهدفة، مع تعدٍّ واضح على ممتلكاتها وخصوصياتها. وكل ما تقدّم، هو ما يحصل تحديدا، وبانتظام، في محافظة ديالى العراقيّة منذ سنوات.

التطهير العرقي والقانون الدولي

لم يتحدث القانون الدولي الإنساني، ولا القانون الدولي العام، ولا نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية عن التطهير العرقي ، لأن التطهير العرقي في حقيقته وبطبيعته مرتبط بارتكاب مجموعة من الجرائم، كجريمة التمييز العنصري، وجريمة الفصل العنصري (الأبارتايد)، وجرائم الحرب بما في ذلك هدم المنازل، واستيلاء على الأرض، والاعتداء على ألاماكن المقدسة، وتهجير الأهالي، أو إقصاءهم وحرمانهم من العودة الى وطنهم وبلدهم وممتلكاتهم بهدف تفريغها من عرق معين، وجرائم الابادة الجماعية، وبالتالي تشكل جريمة التطهير العرقي جريمة مركبة من مجموع الجرائم التي ترتكب بهدف الوصول الى التطهير العرقي الذي يشكل في النهاية جريمة ضد الانسانية.

وجريمة التطهير العرقي، هي جريمة ضد الإنسانية ومن الأفعال المحظورة والمحدّدة في نظام المحكمة الجنائيّة الدولية لعام 1998 (نظام روما) عندما تُرتكبت في إطار هجوم واسع النطاق، مُمنهج وموجّه ضد مجموعة (محدّدة) من السكان المدنيين بالأساليب والطرق المبينة في اعلاه. والجرائم ضد الإنسانية عرضة للعقاب في الحرب أو السلام ، اي بصرف النظر عن وقت ارتكابها، والمهمّ ايضاً انها تخضع للعقاب بغض النظر عن مكان ارتكابها. وتقع مهمّة العقاب عليها على كل الأجهزة المختصة في الدولة اعتباراً من اعلى السلطة الى الوحدات الموجودة في الميدان وبعكسه فأن كل هؤلاء يمكن ادانتهم في المحاكم الدولية المختصة او في محاكم الدول التي تُعاقب على ارتكاب هذه الجريمة بغض النظر عن جنسية مرتكبيها (وهو ما يقع ضمن مفهوم الولاية القضائية الدوليّة).

ولأهميّة الالتزام المفروض على المجتمع الدولي في التصدي لمثل هذه الجرائم فان ديباجة النظام تنصّ على عبارات واضحة مثل: "وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمرّ دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعّال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي". وتضيف انها "وقد عقدت العزم على وضع حدّ لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم."

ثم تؤكدّ "بأن من واجب كل دولة أن تمارس ولايتها القضائية الجنائية على أولئك المسئولين عن ارتكاب جرائم دولية"

والامرهنا لا يتعلق بان الدولة عضو في نظام روما تحديداً بل ان التصدّي لهذه الجريمة، وما بمستواها من جرائم، والمعاقبة عليها، أضحى التزاماً دوليا ثابتاً على كل الدول حيث تطبّق ذلك في محاكمها الوطنيّة ضمن مفهوم الولاية القضائية الدوليّة.

مرتكبو الجريمة

في هذه الجرائم الخطيرة والمعقدة، والمتداخلة المراحل، قد يكون من يرتكب هذا النوع من الجرائم أجهزة ترتبط فيما بينها برابط هيكلي، وقد تكون عمليات التنفيذ تجري من خلال افراد محدّدين تابعين لها يتم اختيارهم بدقّة للتنصل من الفعل فيما بعد والقول انها عمل مجموعة اجرامية او عملٌ فردي. ولذلك غالبًا ما تُرتكب هذه الأفعال ضمن تعليماتٍ يُصدرها القائمون على مُجْرَيَات السلطة في الدولة أو الجماعة المسيطرة، ولكن ينفذُها الأفراد في محاولة لتنصل المسؤولين الرئيسيين منها والافلات من العقاب. والمهمّ هنا، هو هذا الشكل الممنهج الذي تُنفذ فيه وضمن خُطَّةٍ للاضطهاد والتمييز في المعاملة بقصد الإضرار المتعمَّد ضد الطرف الآخر. وقد تشترك عدّة أطراف، او مجاميع، ويتولى كلّ طرفٍ منها القيام بجانب معين من فصول الجريمة. قد يكون التخطيط، الرصد، جمع وتوريد وتوزيع الاسلحة، التدريب، الخطب الدينية والتجييش الطائفي، التهديد، الاعتقال، التنفيذ بالنقل القسري.....وهكذا تتشارك وتتشابك الحلقات والأفعال لاقتراف هذه الجرائم وقد تكون بطريقة غير مفهومة الملامح لغير المتابع التفصيلي لها فتختلط الرؤى والاسباب ويضيع هنا القصد الجنائي الواضح، وهو الخيط الذي يربط عمل كل المشتركين وينقل الجريمة الى مصافي الجرائم الدولية الخطيرة جدّاً.

جريمة التطهير العرقي هي جريمة مركبة

عادة ما يرتبط التطهير العرقي بهدف التخلص من مجموعة معينة، أو شعب معين عن طريق القتل أو الابادة أو عن طريق التهجير والإبعاد أو الإقصاء، ويكون التطهير العرقي في هذه الحالة أبشع الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، لأنه يتأسس ويتحقق عن طريق ارتكاب مجموعه من الجرائم كجريمة القتل العمد، أو الإقصاء والتهجير والإبعاد، كجرائم مباشرة للتخلص من الفئة المستهدفة، وجرائم هدم المنازل والأحياء والمؤسسات، والإرهاب والترويع، والتضييق على سبل الحياة والمعيشة، والاعتداء على أماكن العبادة والمقدسات، وسن القوانين المجحفة بحق المواطنين كجرائم غير مباشرة لتيئيس المواطنين وإجبارهم على ترك مدينتهم والهجرة الى الخارج.

العدوان التركي والمتعاونين معه من المسلحين السوريين المعارضين

على عفرين في شمال سورية

مدينة عفرين إحدى مدن محافظة حلب وهي مركز منطقة عفرين، تشكل أقصى الزاوية الشمالية الغربية من الحدود السورية التركية، منطقة عفرين منطقة جبلية معدل الارتفاع 700 - 1269 م، أعلى قمة فيها الجبل الكبير (كريه مازن ) Girê Mazin) ) الذي يعد جزءا من سلسة جبال طوروس في سورية، يبلغ عرضها من الشرق إلى الغرب 55 كم وطولها من الشمال إلى الجنوب 75 كم، وهكذا تساوي مساحتها حوالي 3850 كم2 أي ما يعادل 2% من مساحة سورية تقريبا ...إن منطقة عفرين متنوعة في جغرافيتها بين السهول والجبال ويمر بها نهر عفرين الذي يمتد في سوريا مما يقارب 85 كم ويعتبر هذا النهر وروافده من أهم المصادر المائية لهذه المنطقة الزراعية.

في عفـرین سلاسـل جبلية تتراوح ارتفاعهـا بـین (1269 – 70 م)، وأعلـى منطقـة فیهـا هو (الجبل الكبير)، یسمى بالكردية (گِرَى مَزِن ) , إنها سلاسـل ممتدة وتتوسطها الاودية الخضراء وتـنتشر فيها أشـجار الزيتون والعنب وبساتين التفاح والرمان وأشـجار السَّـرو والجَـوز واللَّـوز والصفصـاف والسنديان، وكـروم التين. عفرين مدينة سورية بريف حلب الغربي يتعايش فيها منذ قرون الأكراد والعرب ، وتمتاز عفرين بتنوّعْ تضاريسها ويمرُ منها نهر عفرين الذي يعتبر من أهم مصادر الزراعة في سوريا، وأطلق عليها أسم (كورداغ) خلال حكم الدولة العثمانية، وبعد الانتداب الفرنسي على سوريا شرق البحر المتوسط قسمتها إلى قسمين قسم فرنسي وقسم تركي، وهوما سبب (الحملة العسكرية لاحتلالها من قبل الجيش التركي, بحجة حماية حدودها وتأمين تحقيق ألغاء معاهدة سايكس بيكو ورسم خارطة جديدة ، وتشكل عفرين جسراً جغرافياً لفتح منفذ بحري إلى البحر المتوسط بالنسبة الى الأكراد ، أما بنظر المحتلين الأتراك تعتبر عفرين أيضاً ذات استراتيجية حدودية ، وأطلقت تركيا عام 2016 عملية درع الفرات على حدودها مع سوريا للقضاء على ما وصفتهُ بـ (ممر الإرهاب) المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد السوريين وجناحهِ العسكري حزب العمال الكردستاني)، ويعتبر الاتراك وحدات حماية الشعب الكردية جماعة إرهابية لصلتها القوية بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يسيطر على المناطق ذات الأغلبية السكانية الكردية في سوريا، والمهم هنا اجتاح الاتراك القسم الحدودي لأراضي سوريا متحدية الرأي العام الدولي ومنظماتها الإنسانية ، وجاء نشر تركيا لقواتها في محافظة (أدلب) بناءاً على أتفاق مع روسيا وأيران بهدف جعل أدلب منطقة (خفض توتر) ، والهدف من نشر قوات تركية هناك هو التصدي لقوات (وحدات حماية الشعب الكردية)، وكذلك نشرت تركيا المئات من الجنود وعشرات من الدروع والدبابات في محافظة أدلب التي تسيطر عليها ما يسمى ب" هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) " ، وأقامت هناك ثلاث قواعد عسكرية تشرف على منطقة عفرين، وسميت الحرب التركية على عفرين ب (غصن الزيتون) الذي هو رمز السلام العالمي والذي قلب المنطقة إلى حمامات دم وأشلاء ممزقة بفعل استعماله لأسلحة محرمة دوليا ، وترقى حربه ضد الاكراد الى الأباة الجماعية.

احتلال عفرين والقانون الدولي والإنساني

بدأت بالأزمة السورية بمدينة درعا في شهراذارمن عام 2011م بمظاهرات سلمية من المواطنين تنادى بإصلاح الوضع في سوريا، وتفاقمت الأوضاع في سوريا الى ان وصلت حدة النزاع الى مستوى النزاع المسلح غير الدولي ,بحسب تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي انشئت من قبل هيئة الامم المتحدة لحقوق الانسان للتحقيق فى الوضع السوري وبحسب التوصيف الذى اطلقته عليه لجنة الصليب الاحمر الدولية .

بمجرد وصول التزاع فى سوريا الى درجة النزاع المسلح غير الدولي فان اوضاعا قانونية كثيرة نشأت على مناطق ذلك النزاع وانتهت كلها الى وضع قواعد القانون الدولي الإنساني قيد التنفيذ وهى قواعد ترتب التزامات ومسؤوليات وواجبات على كافة اطراف النزاع ونتج عنها فى نهاية الامر تحديد المسؤوليات فيما بتعلق بانتهاك قواعد ذلك القانون والكيفية التي يمكن تقدمهم الى محاكمة جنائية دولية وانزال العقاب المناسب عليهم.

ان النزاعات التي تدور الان في الأراضي السورية هي نزاعات مسلحة غير دولية , بحسب المعايير الدولية وتطبق عليها احكام القانون الدولي الإنساني , ويجب اعتماد تقييم الوضع في الأراضي السورية على اتفاقيات جنيف الاربعة لسنة 1949م والقانون العرفي للحروب للتعرف من خلالها على مدى وجود انتهاكات للقانون الدولي الإنساني في ذلك التزاع .

ان حجم القصف الجوي والصاروخي والمدفعي من قبل العدوان التركي والمتعاونين معه المشاركين في عملية ما يسمى ب"غصن الزيتون "، أتاح لهم التمدّد واحتلال مدينة عفرين وقراها، بالتدمير والقتل والترهيب، والواقع أنّه سرعان ما فرض الاحتلال على الأراضي التي اخضعها إلى سيطرته، سلطة المحتل التي لا تعترف باي هوية اخرى

ونشير الى بعض ممارسات مسلحي جيش الاحتلال التركي والمتعاونين معه:

1. اضطهاد عرقي

2. ارتكاب جرائم الابادة الجماعية

3. انتهاكات حقوق المرأة:

4. القتل والتمثيل بجثث الأسرى

5. محاكمات خارج القانون

6. الغنائم والمصادرات

7. حرق الكتب والوثائق والاثار التاريخية

8. تدمير وتفجير اماكن العبادة

9. الاختطاف والاخفاء القسري والتعذيب والاغتيالات.

10. اختطاف الاطفال واحتجازهم كرهائن

11. الاختطاف والابتزاز: كمصدر تمويل مهم للإرهاب

12. القصف العشوائي والتفجيرات.

ان تلك النماذج من الافعال هي جرائم حرب وجرائم دولية ضد الإنسانية ،فهي من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان المرتكبة من قبل جيش الاحتلال والمجموعات المتعاونة معه ضد المدنيين, وكل من اصدر الاوامر او ارتكب اوساهم او تعاون او دعم هذه الاعمال الارهابية يخضعون لسلطة القانون الدولي وللمحاسبة الجنائية عن أفعالهم وفي أي مكان بالعالم.

ان جيش الاحتلال التركي والجماعات المسلحة المعارضة التابعة له ,ارتكبوا جرائم حرب بحق المدنيين في عفرين بشكل يومي في حربه العمياء ضد المدنيين ، مما شكل خرقاً صريحاً للأعراف الدولية وقوانين الحرب ، وإن هذه الأفعال الإجرامية هو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف /12/8/1949/ بحيث ترتقي هذه الجرائم الى مصاف الجرائم الجنائية الدولية ، لأنها تمثل جرائم حرب حسب نظام روما الأساسي المخصص لجرائم حرب ومن هذه الجرائم التي ارتكبت في مدينة (عفرين ) على سبيل المثال لا الحصر :

أولاً- قصف القرى والمناطق التابعة لعفرين وتدمير المساكن، التي ليست لها أية علاقة بالأهداف العسكرية.

ثانياً- تعمد توجيه هجمات وضربات بالمدافع والطائرات ضد السكان المدنيين 0مجزرة مدجنة جلبرة،

ثالثاً- الحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات الاثرية والاعيان المدنية دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبطريقة عابثة 0

(تدمير معبد عين دارا الأثري في جنوب شرق قرية عين دارا الواقعة في منطقة عفرين، وتحولت منحوتاته واسوده البازلتية إلى ركام بفعل القصف التركي، وهذا المعبد يعود تاريخه إلى أكثر من 1300 سنة قبل الميلاد).

رابعاً- تعمد شن هجمات ضد الصحفيين، أو موظفين مستخدمين، أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهمات المساعدة الإنسانية 0

(مقتل الصحفية بيرفان مصطفى في عفرين - راجو – أثناء تغطيتها لمجريات العدوان التركي على عفرين)

خامساً– تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية و التعليمية و المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والمصابين

سادساً– تعمد حصار المدنيين كأسلوب من أساليب الضغط على قوات سوريا الديمقراطية وذلك بقطع طرق الإمداد لمنطقة عفرين من أجل تزويدها بالأدوية والأغدية وتعمد قطع الاتصالات وشبكات المياه والكهرباء.

جرائم تركيا ضد الإنسانية

ومن هذه الأفعال المنصوص عليها في اتفاقية (منع جريمة إبادة الجنس البشري والمعاقبة عليها) ونظام روما الأساسي على سبيل المثال لا الحصر والتي يرتكبها الجيش التركي والجماعات الإرهابية في عفرين :

1-قتل أفراد أو أعضاء جماعة طائفية أو دينية أو عرقية

2-إلحاق أذى أو ضرر جسدي أو عقلي خطير أو جسيم بأعضاء الجماعة 0

وتتحقق جريمة الإبادة الجماعية بكل وسيلة مادية أو معنوية لها تأثير مباشر على أعضاء الجماعة المرتكبة بحقها الجريمة، وهذا ما تم ممارسته منهجيا من قبل الجيش التركي والجماعات المتعاونة معه من استهداف منهجي للشعب الكردي ، وذلك بارتكاب المجازر عن طريق المدافع والصواريخ وقصف المدنيين , ونذكر بعضا من تلك المجازر:

· في قرية عنابكه - قرية دير بلوط - قرية كوبلة - حي الأشرفية بمدينة عفرين - بلدة باسوطة - قرية كاخرة بناحية ماباتا - قرية بربنه بناحية راجو - قرية فريرية - بلدة ميدانكي بناحية شران - قرية كمروك بناحية ماباتا - قرية بعدينا بناحية راجو- مركز مدينة عفرين - حي المحمودية بمدينة عفرين - قرية أرنده - مجزرة حي الأشرفية-ترنده....

ونشير أيضا انه بتاريخ 1/2/2018 قامت عدة عناصر من المجموعات المسلحة المتعاونة مع جيش الاحتلال التركي, بالاعتداء بالضرب والتمثيل بجثة المقاتلة الكوردية, أمينة مصطفى عمر ( الاسم الحركي بارين كوباني) من ريف منطقة الباب شمالي حلب, كانت قد فقدت حياتها خلال الاشتباكات بقرية قورنه بناحية بلبله بريف عفرين , وعملوا على تقطيع أجزاء من منطقة الصدر بعد تعرية الجزء العلوي من جسدها.

· ان التهجير القسري يعبد الطريق ويمهده لإعادة رسم خريطة عفرين وتفكيكها , ما حدث ويحدث في عفرين السورية ضمن تواطؤ دولي حول التهجير القسري من جريمة حرب وإبادة إلى أداة سياسية مقبولة بحكم الأمر الواقع وتحت شعارات إنسانية زائفة بذريعة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. تشريع وتقنين التهجير القسري وإشراف الأمم المتحدة على تنفيذه سيجعل منه أمرا مقبولا ومألوفا. تدمير قطاع عريض وواسع من السوريين وتعريض إنسانيتهم لظروف قاسية واختبارات مريعة، وحرمان جيل كامل من التعليم وتمزيق الأسر وتحويل العمود الفقري للمنطقة - اكراد عفرين - إلى قضية إنسانية وإغاثية من الدرجة الأولى.

· وشهدت عفرين أشكالا متطورة من التهجير القسري والتغيير والإحلال الديموغرافي، والتطهير المكاني والوحشية وغيرها، من خلال تدمير المساكن والممتلكات والبنية التحتية لبعض المجتمعات في الريف والمدينة، وطالت هذه السياسات «التطهيرية» المؤسسات الخدمية التي كان يحميها القانون الدولي؛ كما استخدمت بشكل ممنهج ومتعمد الأسلحة المحرمة دوليًا ضد المدنيين في هذه الحرب.

· هنالك المئات من المواطنين الكورد ممن تعرض للاختطاف التعسفي وللاختفاء القسري، من قبل عناصر مسلحة ينتمون الى فصائل مسلحة متعاونين مع قوات الاحتلال التركية، طمعا بالفدية المالية بعد سرقة منازلهم وجميع الأغراض المتواجدة فيها, وترافقت هذه الاختطافات مع احتلال المنازل, وهنالك معلومات مؤكدة عن تعرضهم لتعذيب شديد ومعاملة لا إنسانية وحاطه للكرامة الإنسانية, ومازال مصيرهم مجهولا

· وفي سياق مماثل للجرائم الجنائية وللانتهاكات المرتكبة في مدينة عفرين وقراها من قبل قوات الاحتلال التركية والفصائل المسلحة المتعاونة معها:

· أقدمت قوات الاحتلال التركية والمتعاونين معهم على القيام بجرائم جنائية من خلال قيامهم بإحراق: الأشجار الحراجية وأشجار السنديان والزيتون والرمان والعنب في الأراضي الزراعية

· كذلك قاموا بإحراق الالاف الأمتار من خراطيم الري الزراعية

· واحراق العشرات من المنازل، بعد ان تم تهجير أصحابها منها

· نهب محاصيل القمح والشعير والذرة ومحاصيل الجوز والزيتون والرمان والعنب

الخلاصة:

وفقا للمعايير الدولية، وبشكل خاص أحكام القانون الدولي الإنساني، ومبادئ القانون الدولي العام المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة، ومقاصد الأمم المتحدة وأحكام ميثاقها، وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1904 (دورة 18) بتاريخ 20/11/1963 يمكن تكييف الانتهاكات التركية في عفرين كمدينة من ناحية، وتجاه سكانها من الكورد والعرب, وفقا لما ورد أعلاه، منذ احتلالها عسكريا , من ناحية أخرى، على أنها أعمال تتعارض كليا مع أحكام اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، والمعقودة في 18 أكتوبر 1907، وأحكام اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب لعام 1949، والبروتوكول الملحق الأول باتفاقيات جنيف الأربعة، كما تتعارض كليا مع مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة، كما تتعارض مع أحكام العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، وكذلك تتعارض مع الإعلان العالمي الحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما تتعارض مع أهداف الأمم المتحدة ومقاصدها وتنتهك أحكام الميثاق.

التوصيات

ولآننا نعتبر احتلال عفرين عملاً غير مشروع ويتناقض مع مبادئ ومقاصد الأمم المتحدة والقانون الدولي، وندين جميع ممارسات قوى الاحتلال التركية، فإننا ندعو الى:

1) مطالبة القوات المحتلة بالانسحاب الفوري وغير المشروط من عفرين وجميع الأراضي السورية التي احتلتها.

2) فضح مخاطر الاحتلال التركي لعفرين وما نجم عن العمليات العسكرية التركية في عفرين بشمال سوريا من انتهاكات في حق المدنيين السوريين وتعريضهم لعمليات نزوح واسعة ومخاطر إنسانية جسيمة

3) العمل السريع من أجل الكشف عن مصير المخطوفين وإطلاق سراحهم جميعا، من النساء والاطفال والذكور، لدى قوات الاحتلال التركية ولدى الفصائل المسلحة المتعاونة مع الاتراك، ودون قيد أو شرط. وإلزام قوى الاحتلال بتوفير تعويض مناسب وسريع جبرا للضرر اللاحق بضحايا الاختطاف والاخفاء القسري.

4) العمل السريع من اجل الكشف الفوري عن مصير المفقودين، والإعلان عمن بقي حيا أو من تم قتله وتصفيته لأسباب سياسية، أو غير سياسية.

5) تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة ومحايدة ونزيهة وشفافة بمشاركة ممثلين عن الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة في سورية، تقوم بالكشف عن جميع الانتهاكات التي تم ارتكابها في عفرين وقراها منذ بدء العدوان التركي في أواخر كانون الثاني2018 وحتى الان , وعن المسئولين من قوى الاحتلال الذين تسببوا بوقوع ضحايا ( قتلى وجرحى ), من اجل أحالتهم إلى القضاء المحلي والاقليمي والدولي ومحاسبتهم

6) دعوة المنظمات الحقوقية والمدنية السورية، للتعاون من اجل تدقيق وتوثيق مختلف الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها القوات المحتلة التركية في عفرين وقراها منذ بدء العدوان التركي في أواخر كانون الثاني2018 وحتى الان، من اجل بناء ملفا قانونيا يسمح بمتابعة وملاحقة جميع مرتكبي الانتهاكات، سواء أكانوا اتراك أم سوريين متعاونين معهم، كون بعض هذه الانتهاكات ترقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية وتستدعي إحالة ملف المرتكبين للمحاكم الجنائية الدولية والعدل الدولية.

7) عودة المدنيين النازحين والفارين من أهالي عفرين وقراهم، وإزالة كافة العراقيل أمام عودتهم إلى قراهم ومنازلهم وضرورة تأمين تلك الطرق، وضمان عدم الاعتداء عليهم وعلى أملاكهم، وإزالة الألغام. وبالتالي تمكين أهالي عفرين اقتصاديا واجتماعيا بما يسمح لهم بإدارة امورهم.

8) دعوة الهيئات والمؤسسات الدولية المعنية بتلبية الاحتياجات الحياتية والاقتصادية والإنسانية لمدينة عفرين وقراها المنكوبة ولأهالي عفرين المهجرين، وإغاثتهم بكافة المستلزمات الضرورية.

9) العمل الشعبي والحقوقي من كافة المكونات الاصلية من أهالي عفرين من اجل مواجهة وإيقاف المخاطر المتزايدة جراء ممارسات قوات الاحتلال العنصرية التي اعتمدت التهجير القسري والعنيف والتطهير العرقي، والوقوف بشكل حازم في وجه جميع الممارسات التي تعتمد على تغيير البنى الديمغرافية تحقيقا لأهداف ومصالح عرقية وعنصرية وتفتيتيه تضرب كل أسس السلم الأهلي والتعايش المشترك.

تاريخ 8\12\2018

اعداد:

الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان (وتضم91 منظمة ومركز وهيئة بداخل سورية).

الهيئة الادارية للفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان

www.fhrsy.org

هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته